المفتي السعودي

TT

حسنا فعل المفتي العام للسعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، حينما خرج بفتوى واضحة لا لبس فيها حول تحريم ذهاب الشباب السعودي للخارج بحجة قصد الجهاد.

لم يتوارب الشيخ في حديثه، وقالها بكل وضوح بأن الشباب السعودي بات «أداة في أيدي أجهزة خارجية تعبث بهم باسم الجهاد يحققون بهم أهدافهم المشينة، وينفذون بهم مآربهم، في عمليات قذرة هي أبعد ما تكون عن الدين، حتى بات شبابنا سلعة تباع وتشترى».

وللشيخ كل الشكر والتقدير، فقوله ان شبابنا بات سلعة تباع وتشترى، حقيقة ملموسة اين ما نظرنا للاسف. غرر بهم من غرر، واستغلهم من استغل، وكان دائما هناك محرضون، لا يتوانون عن استخدام اي ذريعة. والجميل اليوم ان هذا الحديث يصدر عن مفتي السعودية.

الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ممن حذروا من قبل من خطورة التغرير بشبابنا، ويحسب لهذا الرجل انه قال كلمة حق يوم كان الشارع العربي لا يريد ان يسمع إلا ما يريد، او ما يقوله الشيوخ المحرضون، وقتها خرج المفتي، وقبل أحداث 11 سبتمبر، محرما العمليات الانتحارية، وقامت الدنيا ولم تقعد. واليوم وبعد أحداث العنف في العالم جاء الآخرون خلفه، وبعضهم من الشيوخ المسيسين وصلوا قبل قليل! وشتان!

فتوى الشيخ المفتي سمت الأشياء بأسمائها، ولم تخرج متواربة، او خجولة، والاهم انها لمست احد شرايين العمل الارهابي وهو الاموال، عندما قال المفتي بوضوح «وأوصي أصحاب الأموال بالحذر فيما ينفقون حتى لا تعود أموالهم بالضرر على المسلمين»، خصوصا اننا في وقت اخراج الزكاة، وكم من المغرر بهم حيث يقدمون اموالهم الى تجار الموت والدمار.

قيمة هذه الفتوى أنها أثبتت ان من نسميهم الشيوخ التقليديين في السعودية، وعلى رأسهم المفتي، لم يعرفوا بدعاوى التفريق، او احداث شرخ في المجتمع. ليس كل ما يقولونه يروق للمرء، لكنهم ليسوا محرضين، او دعاة تفرقة. ولانصاف المفتي فمنذ 20 أبريل 2001 وحتى اليوم لم يتوان عن ادانة الارهاب في الداخل أو الخارج.

ومفتي السعودية لم يعرف عنه يوما انه روج لهذه الافكار او دعا الى جهاد زور، ليسجل موقفا سياسيا، وثبت ان الشيوخ التقلديين، مهما كان هناك من اختلاف مع بعض فتاواهم الاجتماعية، إلا أنهم في الجانب الآخر كانوا دوما على حق وهم يشددون على ضرورة التعاضد داخل المجتمع الواحد، ودرء الفتن والنأي بالبلاد من أن تكون لعبة بيد المغرضين. خصوصا اننا رأينا، مما مر على عالمنا العربي والاسلامي، حجم الفساد والافساد الذي وقع بحق البشر والحجر، ممن تلحفوا بعباءة الدين لتحقيق مآرب سياسية.

ولذا تكون فتوى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مهمة. صحيح ان البعض ممن ارتمى في احضان«القاعدة» وفكرها، قد لا يكون فيه أمل، الا ان اهمية الفتوى هو تأثيرها في السواد الأعظم من السعوديين، خصوصا الآباء والامهات. وقيمتها ايضا تكمن في أنها نزعت من يد الشيوخ المسيسين ورقة طالما لعبوا بها.

شكرا للشيخ، ونقول هكذا تكون المواجهة الفعالة، وعلى باقي مؤسسات المجتمع القيام بدورها، وبالذات التعليم.

[email protected]