مؤتمر الخريف

TT

الدول العربية ومعها السلطة الفلسطينية محقة في شكوكها بشأن تـحضــيرات مؤتمر الخريف الذي دعت اليه واشنطن من اجل عملية السلام. فقد بدا الأمر ولاسابيع بعدما صدرت الدعوة وكأنما واشنطن القت حجرا في الماء الراكد ثم لم يسمع احد بعدها عن طبيعة أو جدول اعمال أو من الذي سيشارك أو الهدف.

وطبعا المخاوف تستند الى تجارب سابقة فمن الخطر رفع سقف التوقعات ثم يجد الناس بعد ذلك ان شيئا لم يتحقق، فالنتيجة في هذه الحالة كما حدث في مرات سابقة تكون عادة عكسية تنشر موجة عنف جديدة وتشيع الاحباط وفقدان الأمل وفي كل الاحوال فانه من الخطر تسويق آمال زائفة أو معروف انها لن تتحقق الى الناس.

الان بدأت العجلة تتحرك قليلا وتتضح شيئا فشيئا تفاصيل اللقاء الذي اصبح متوقعا ان يعقد في ولاية ميريلاند الأميركية، كما اصبحت هناك صورة اوضح وان كانت ليست نهائية عن المشاركين والمدعوين الى المؤتمر ولكن كل هذا ليس كافيا حتى يكون المؤتمر ناجحا وليس خيبة أمل جديدة وهو ما يحتاج الى جهد كبير واتصالات مكثفة وصدق النوايا خلال الفترة المتبقية من الان وحتى نوفمبر الموعد المقترح للقاء أو المؤتمر.

وقد تكون الولايات المتحدة هي صاحبة الفكرة والمبادرة في الاتصالات وبالتالي فان المتوقع ان تقوم ايضا بجهد اكبر في تحضير جدول الاعمال، لكن اطراف الصراع نفسها والدول المشاركة يتعين عليها ان تقوم بجهد هي ايضا في صياغة جدول الاعمال والتحضيرات بما يتفق مع مصالحها والاهداف التي تتوخاها من اللقاء، وممارسة مهارات الدبلوماسية في تحقيق رؤيتها واقناع الآخرين بهذه الرؤية وبمصالح المنطقة.

ولاشك في ان نسبة كبيرة من نتيجة مؤتمر أو لقاء الخريف ستتوقف على نتائج اللقاءات الفلسطينية ـ الاسرائيلية بين الرئيس عباس واولمرت واتصالات مفاوضي الطرفين للتوصل الى وثيقة حول قضايا الحل النهائي. وليس واضحا حتى الان ما إذا كان سيمكن التوصل الى هذه الوثيقة التي يرغب فيها الفلسطينيون، وبينما لايزال الاسرائيليون يناورون حولها مستغلين حالة الانقسام الحالية بين غزة والضفة الغربية، ولم تتضح بعد نواياهم اذا كانوا جادين في الرغبة في الوصول الى نتائج ام انهم يقومون بمجرد استهلاك للوقت.

يتبقى الواقع على الارض الذي اصبح شديد التعقيد هو الآخر مع حالة الانفصال القائمة بين غزة والضفة ووجود حكومة في كل منها، والكيفية التي ستسري بها أي اتفاقيات جغرافياً.

نفي الامر ينطبق على مسألة علاقة الاطراف الاخرى التي لها اراض محتلة بالمؤتمر، والمقصود سورية، والاسئلة المطروحة هي ما اذا كانت دعوتها للحضور تعني فتح المجال امام مفاوضات مسار آخر غير المسار الفلسطيني، وكيف سيجري ذلك في ضوء حالة التعقيد القائمة على الارض مع حالة التوتر العالية الحالية والمرتبطة بالملف اللبناني بالصراع الدائر حول الملف النووي الايراني.

كما يبدو فان مؤتمر الخريف يبدو مهمة شديدة الصعوبة فلاشيء على الارض يساعد على التفاؤال، والنوايا ليست واضحة في حين ان المنطقة كلها تمر بفترة عدم استقرار شديدة. لكن في كل الاحوال فان الحركة افضل من الركود، والمؤتمرات تعقد عادة لحل ازمات، المهم ان يكون الجهد كافيا وبرغبة حقيقية في تحقيق تقدم.