المشكلة في الشهية

TT

مؤتمر السلام المقبل سيكون خاصا بالقضية الفلسطينية، بعد أن اتضح أن سورية ولبنان ليسا مدرجين على جدول الأعمال، ولهذا السبب قالت الحكومة السورية إنها لن تشارك طالما أن قضيتها لن تناقش، وهي محقة في رفض الدعوة.

وهذا لا يقلل من أهمية الشأن الذي سيناقشه المؤتمر، كونه يعالج تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية، وحسم وضع القدس، وكذلك تقرير مصير ملايين اللاجئين الفلسطينيين. وبحسب ما سمعنا فإن الرئيس الاميركي سيطرح حلا منصفا يرضي الفلسطينيين بشكل كبير. المشكلة هذه المرة أن الوجبة ستكون جيدة، لكن العلة في نقص الشهية عند كل الأطراف المعنية. فرئيس الوزراء الإسرائيلي لن يستطيع تمرير أي تعهد يتخذه في المؤتمر، لأنه لا يملك الأغلبية الضرورية في الكنيست، ولا يملك ما يكفي حتى في داخل حزبه، كاديما. كل الأحزاب الإسرائيلية تريد إسقاطه بإيصاله إلى مرحلة الفشل السياسي، فالاستقالة.

أما المعسكر الفلسطيني فليس بأحسن حالا، حيث أن الرئيس محمود عباس يحكم نصف الفلسطينيين، ونصف النصف في خلاف داخلي. ولو استطاع أبو مازن أن يثبت اتحاد القيادات الفلسطينية، باستثناء حماس، سيكون ذلك انتصارا معنويا وسياسيا له ولفتح وحكومة سلام فياض، لذا علينا أن ننظر وننتظر. ولا نستطيع أن نتوقع تأييد سورية، لأن قضيتها لم تدرج في برنامج المؤتمر، وهذا خطأ كبير، لأنه سيضمن معارضة دمشق، والجماعات الفلسطينية التي تقيم في عاصمتها، وفي الأراضي المحتلة نفسها.

أما المضيف الاميركي فانه لا يملك ما يكفي من النفوذ بسبب ضعفه في العراق، وعجزه عن مواجهة إيران، وكذلك لأن الرئيس بدد نحو سبع سنوات من رئاسته ولم يبق له سوى عام واحد فقط، لا تكفي لولادة عسيرة كالقضية الفلسطينية.

مع هذا فان المؤمل من المؤتمرين، طالما أنهم يعانون من العجز، أن يضعوا الحل كوثيقة عمل تكون أساسا للسلام المستقبلي، عسى أن يكون العالم بعد نهاية العام المقبل أقدر على تنفيذها، وتوفر للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وقت التفاوض من جديد. فقد مر على الفلسطينيين العديد من الوسطاء وتدلت أمامهم العديد من العروض ووصلوا تقريبا إلى حل عادل، لكن كل تلك المحاولات تتبخر في اللحظة الحاسمة. مرت سنين طويلة من المحاولات لكن لم تفلح أي منها في تقديم حل يصلح أساسا للحسم يكفيه ان ينتهز أول فرصة جيدة من اجل توقيعه، عندما تلوح الفرصة. هنا على الرئيس جورج بوش أن يسجل اسمه على مشروع السلام لأنه ليس في حاجة إلى استشارة حزبه، أو موافقة الكونجرس، ولا يستطيع خوض انتخابات رئاسية ثالثة. يكفي الجميع أن يطرح بوش مشروعا عادلا يكون أساسا للسلام حتى يصبح في المنطقة أمل حقيقي. فالمشكلة ليست في النزاع فقط، بل في فقدان الأمل بالحل العادل.

[email protected]