البدانة.. وهجرة البحث عن القدود المياسة

TT

70% من السعوديات بدينات، وشهد بذلك شاهد من أهلنا هو الدكتور خالد الربيعان مدير مركز السكر في كلية الطب بجامعة الملك سعود، الذي أكد أيضا أن هذه النسبة تعتبر من أعلى المعدلات في العالم، وشدد على ضرورة توعية المجتمع حول أضرار البدانة وما تسببه من الأمراض المزمنة.

تمنيت أن يعرف هذه الحقيقة كل الذين تحفظوا على إدخال مادة التربية البدنية في مدارس البنات، أو أولئك الذين اعتبروا الأندية النسائية إضافة هامشية لا تستحق أن تفتح من أجلها بوابات الحوار.. والطريف أن الدكتور الربيعان يدعو إلى ضرورة التوعية بأضرار البدانة، وينسى أن الإشكالية ليست في وعي البدينات بقدر ما هي في انعدام السبل، فما المتاح أمام المرأة السمينة لكي تتخلص من أحمالها الزائدة غير المشي حول سور الحوامل، وسط عوادم السيارات وأعين المتطفلين؟!

وأمام هذه الحقيقة ليس أمامنا سوى القول بضرورة إعادة تقويم موقفنا من رياضة المرأة، باعتبارها ضرورة إنسانية، وقبل أن ترتفع النسبة إلى 100%، وتكثر معها طلبات تراخيص الزواج من الخارج بحثا عن الرشاقة والقدود المياسة، فالأندية الرياضية النسائية غدت ضرورة، بل واجبا اجتماعيا يجب أن يلتزم به المجتمع تجاه المرأة، التي يقول الدكتور الربيعان، إنها عرضة للأمراض من جراء البدانة، فمن منا يريد لنصف المجتمع العطوف أن يكون عرضة لأمراض القلب وانسداد الشرايين والجلطات القلبية والدماغية؟!

ولا أعتقد أن الذين يعترضون على رياضة المرأة من ذوي المزاج التاريخي، الذين يربطون الجمال بالبدانة، حينما كانت تعد السمنة الملمح الأساسي للجمال ليس بين العرب وحدهم، بل كان يشاركهم الغربيون في ذلك المعيار، ولم يتبدل ذلك المزاج الجمالي الرجالي إلا منذ نحو ثلاثة قرون فقط لتصبح فيه خفة المرأة ورشاقتها ونحافتها المعيار الراجح للجمال في العالم، باستثناء مجتمعات محدودة ظلت تمسك بمعيارها التقليدي، وترى في البدانة دليل ترف ورفاه وعز وجاه عاشته المرأة في بيت أهلها.

ومن أجل المرأة ذاتها، ومن أجل صحتها وسلامتها وسعادتها أجد أننا قد تأخرنا كثيرا في الالتفات إلى هذه الإشكالية التي تواجه نصف المجتمع، والتي ستمتد آثار ترهلها على كل المجتمع، وأن علينا أن نبدأ برياضة المرأة وفق الضوابط التي يطمئن لها الجميع.. فمن المهم أن نبدأ.

[email protected]