الروزنامة اللبنانية

TT

يتابع اللبنانيون بلادهم وهي تنقسم ما بين مجموعات ترغب في تغييب تاريخ لبنان، وأخرى تحاول إخراجه من التاريخ نفسه، ومجاميع أخرى تحاول صناعة تاريخ جديد لمستقبل لبنان. لبنان اليوم بات أسيرا قسريا لتواريخ محددة في روزنامته السياسية، فما بين الثامن من شباط والثامن من آذار والرابع عشر من آذار، انحصر التاريخ اللبناني في ذلك، ونسي الكل تواريخ أخرى أكثر أهمية مثل: تاريخ الاستقلال وتاريخ قيام الحرب الأهلية وتاريخ الاتفاق على ميثاق الطائف المعروف. إنها الغيبوبة السياسية الكبرى التي عادة ما تكون قبل المعارك البينية للدول. هناك جاهزية كبيرة اليوم بلبنان نحو معركة مسلحة جديدة بين الأطراف اللبنانية على الأرض اللبنانية نفسها، فلم يسبق أن حدث حجم التجييش والتسليح والتدريب بهذا الشكل بين مختلف الأطراف، وهناك من يسرب الأخبار عن جاهزيته، وهناك من يعلن عنها بكل فخر واعتزاز، وهناك من يبدي استعداده التام لذلك، ولكن من الواضح أن تاريخ نهاية شهر أكتوبر، وبدايات شهر نوفمبر، ينذر بخطر غير بسيط للبنان، وهذا ليس بكلام عرافات أو قراءات فناجين السياسة اللبنانية، ولكن تفسير لما يحدث على الساحة، ومحاولة القراءة ما بين السطور الغامضة المضطربة. تبقى السياسة اللبنانية ساحة الـ One Man Show، كل التحركات السياسية في (البلد الديمقراطي الوحيد) لا تزال أسيرة الشخص الواحد.

فشل لبنان في صناعة مؤسسات السياسة فيه، ولذلك كان الثقل مهولا على أكتاف أبطال فئاته وطوائفه، وحملوا ما لم يستطيعوا عليه، فانهاروا.

هناك اعتقاد قوي لدى المواطن اللبناني البسيط أنه قد تكون الانتخابات الرئاسية القادمة هي الفرصة الأخيرة لإعادة بث روح الطمأنينة داخل القلب اللبناني، ولكن تبقى الغيمة اللبنانية السوداء والمكونة من التدخلات والمؤثرات الخارجية والمصالح الشخصية، تشكل غمامة تحجب البصر لرؤية غد أفضل وتفسد معها الشهية الإصلاحية المطلوبة، وتضييع فرصة الخروج الجدي من النفق المظلم، والذي طالت أيامه ولياليه. تغنى لبنان كثيرا بالربيع وبآخر أيام الصيفية، ولكن كان غناؤه الأكثر ألما عن ليالي الشمال الحزينة.. وهي قادمة من جديد.

[email protected]