80% من المصريين لا يعرفون الملك فاروق!

TT

عندما قامت ثورة يوليو سنة 1952 كان عدد سكان مصر 17 مليونا، والآن عددنا 77 مليوناً. ستون مليوناً لا يعرفون من هم الملوك: فؤاد ونازلي وفريدة وناريمان. و99% من الشعب المصري وكل العرب لم يدخلوا القصور الملكية ولا عرفوا لها شكلا ولا لونا ولا أبهة. والذين يتابعون مسلسل «الملك فاروق» يرون شيئاً جديداً سمعوا عنه ولم يروه.. ولكن أحداً من كل هؤلاء لم يعرف كيف كانت الأحاديث تجري في القصور الملكية: بالفرنسية والتركية والايطالية والانجليزية واللهجة المصرية. وفي نفس الوقت لم تتصور ولا يتصور أحد أن الحوارات تشبه حوارات زينات صدقي وعبد الفتاح القصري وإسماعيل ياسين.

فقد كان مستوى الحوار رفيعاً. وأنا أدعى أنني عرفت كل بنات الملك فاروق وعرفت الملكة فريدة عشر سنوات والملكة نازلي وسمعت ورأيت وشاركت. لم أجد كلمة واحدة نابية ولا عبارة منحطة.

ولا كانت العلاقات داخل القصر كأنها في أحد شقق شارع محمد علي شارع العوالم والراقصات. إنها غلطة.

ويرضي غرور المشاهد المصري أن يعرف أن الملوك والأمراء كانوا أيضاً على مستواه من الانزلاق إلى الغلط وإلى النذالة والرذيلة أيضا.

ولم تفلح ثورة يوليو أن تجعل المصريين يكرهون الملك فاروق، لأنهم لا يعرفونه ويحتقرون الملكة نازلي لأنهم لا يعرفونها.. ثم إن ثورة مصر قد سمحت لملك رضيع أن يخرج في سلام، وأن تعين بدلاً منه وصياً على العرش. وأن تعين عشرات من الملوك الطغاة في مصر.

والناس يتساءلون: ما معنى أن يقوم بدور فاروق ممثل سوري وأن يخرج المسلسل مخرج سوري. أنا لا أرى بأساً في ذلك. فالفن لا لون له ولا دين ولا وطن. الفن الجيد الأميركي والفرنسي يلقى منا عظيم الاحترام.. وأرى أن هذا السؤال فج فنحن لا نسأل عن دين وجنسيات المطربات العربيات التي اسعدن ليالي القاهرة وينبغي ألا نسأل. وهناك من يتساءل إن كان الغرض من المسلسل تجميل الملكية. ليس هذا غرضا كما اننا أنتجنا مسلسلات كثيرة في تقبيح الثورة ورجالها ـ ومعنا حق! وليس في نيتنا تغييرها.