إغلاق ملف البدون في الإمارات

TT

ليس عدَدُ الذين مُنِحُوا جنسية الإمارات من طالبي جنسيتها بالكبير، (1294 شخصاً)، لكنه من حيث المبدأ خطوة مهمة. فالإمارات، كبقية دول الخليج، دولة جاذبة، وستستمر تجتذب أعداداً متزايدة من عديمي الجنسية، كإفراز طبيعي للانفتاح الاقتصادي.

الحكومة الإماراتية قررت حسم اوضاع عديمي الجنسية من المقيمين القدامى، وفتحت باب الاستقبال لهم طوال 18 شهراً مضت، ومنحتهم جنسيتها. كلُّ من حصل عليها هم من أقام على أرضها منذ أكثر من 35 عاماً، كما منحت عائلاتهم الجنسية ايضاً. هؤلاء عملياً صاروا إماراتيين بحكم تقادم الزمن، عاشوا في البلاد قبل ثرائها، وأقاموا فيها بلا انقطاع.

وفي الجوار الخليجي، مئات الآلاف من الحالات المماثلة، لمقيمين عاشوا عقودا طويلة ترفض حكومات هذه الدول منحهم جنسيتها حتى الآن، رغم انهم مواطنون تقريباً بما تعنيه الكلمة، من حضور ومعايشة والتزام بالقوانين والواجبات. ولأن غالبية هؤلاء بلا جنسيات أخرى صاروا أكثر التصاقا بالأرض الجديدة أكثرَ من أهلها. ولا تستطيع السلطات المحلية طردهم لأن الدول الأخرى، بما فيها بُلْدانُهُمْ الأصلية، سترفض استقبالهم بلا جوازات معتمدة. العلاقة معهم لا فِكاكَ منها، وبالتالي فمحاصرتهم بحرمانهم من التعليم والتطبيب والاعتراف القانوني، برفض تجنيسهم، لن تفلح في التخلص منهم حيث يستحيل عليهم الذهاب. بحكم الواقع المعيش هم مواطنون بلا اعتراف رسمي.

والمقيمون عديمو الجنسية مشكلة عامة في كل انحاء العالم، وليست خاصة بالدول الغربية، او الخليجية الغنية، كما يظن كثيرون. فاليمن، مثلا، يعاني منذ مطلع التسعينات من تدفق المهاجرين الذين فروا من ازمات الصومال، ولا تزال أرقامهم في ازدياد، بل حتى الصومال المنكوب لجأ اليه لاجئون من بقية دول القرن الأفريقي، التي تعاني هي الأخرى من صراعات مستمرة.

ولا توجد حلول كثيرة لتخفيض أعداد المقيمين الجدد، من عديمي الجنسية، سوى بإغرائهم بالمال لإظهار هوياتهم والعودة الى ديارهم. وحتى لا يتسع الفتق على الراقع يُفترضُ التشدد في منح الاقامات للجدد، ومراقبة الحدود واستخدام الوسائل الحديثة في التوثيق وتصوير البصمات مبكراً.

الشق الثاني من المعالجة يكمن في الاعتراف بالأزمة والاستفادة منها، طالما انه لا يوجد لهم حل عملي سوى التعايش معهم. وقد لجأت كثير من الدول الى برامج لاستيعابهم وتحويلهم الى مواطنين كاملين لهم نفس الحقوق. كما ان عليهم نفس واجبات المواطنة. واكتشفت فيهم اضافة ايجابية لبلدانهم الجديدة بعد أن كانوا عبئاً عليها.

وأكبر المناطق معاناة رأيتها في الاحياء العشوائية بمدينة جدة. فسكانها بعشرات الآلاف، معظمهم عديمو الجنسية، والذين يستحيل ترحيلهم الى الخارج. ولا يوجد حلٌّ خير من دمجهم في المجتمع وتسوية اوضاعهم والاستفادة منهم كمواطنين منتجين بدلا من تركهم بلا هويات، يعيشون على هامش المجتمع وخارج القانون، ليصبحوا فئة مؤذية، في حين يمكن أن تكون مفيدة.

[email protected]