سعيد عقل يزحف

TT

قد يبدو غريبا، أو على الأقل، جديدا، أن يصدر في هذه الزاوية دفاع عن الشاعر سعيد عقل. فطالما كتبت هنا عن دعوته إلى «اللغا اللبنانيي»، ورأيت فيها إساءة مهنية، قبل أي أحد، إلى شاعر «غنيت مكة». وطالما سخرت، وسخرت الأيام والسنون من دعوته إلى كتابة اللغة العربية بالحرف اللاتيني. ولم أتخيل أن أحداً في وعيه الكامل يمكن أن يقترح كتابة لغة التنزيل بأحرف روما.

وكم شعرنا بالأسف والأسى، لأن شاعرا من رواد الحداثة الكلاسيكية ولبنانياً كبيراً وشخصاً نقياً في سيرته، اختار العداء للعروبة وهو سيد في دنيا الخليل وسيد في عالم البيان. لكن في الاعتراض على سعيد عقل والتيه الذي أدخل فيه نفسه، لم نحاول قط التعرض إلى قيمته الشعرية ومقامه في عالم النثر وكونه نحاتا مذهلا من صقَّالي اللغة الأم، قبل الشطط نحو «اللغا اللبنانيي» التي لا تزيد على ألف كلمة عامية تدرجت مهشمة من اللغة الأم.

لذلك شعرت بحاجة إلى كتابة شيء من التوضيح وأنا أصغي مساء الاثنين الماضي إلى «إضاءات» حيث استضاف تركي الدخيل الشاعر اليمني محمد الشرفي. قال الشرفي ردا على سؤال: «يعجبني دواوينه الأولى، ولكن لست معه في دعوته إلى العامية أو إلى مذهبه وآيديولوجيته التي زحفت به إلى إسرائيل وظل يعيش فيها إلى الآن.

تركي الدخيل: بس سعيد عقل موجود الآن في لبنان.

محمد الشرفي: آخر ما أعلم أنه كان في إسرائيل لمدة طويلة!

توقفت عند كلمة «أعلم» لأنها من علم. وتفترض أن صاحب العلم لديه معلومة، أو لديه «آخر» معلومة. وللعلم فإن سعيد عقل لا يغادر لبنان حتى الى فرنسا. وسواء أخذه فكره إلى إسرائيل أم لا، فهو لم «يزحف» إليها مع مَن زحف ولا أقام فيها، أولا وأخيرا. أي أن أول العلم عند الشاعر الكريم مثل آخره.

ولست أعترض على تصنيف سعيد عقل في أي خانة من الخانات. فهذا حق لمحبيه ولكارهيه. ولكن الاعتراض على استخدام كلمة «علم» في معرض الحديث عن أسطورة خرافية لو حدثت لما كان من الممكن إخفاؤها. ولعل الأمر اختلط على الشاعر بين «زحف» سعيد عقل و«زحف» قائد «جيش لبنان الجنوبي» أنطوان لحد الذي هو الآن في إسرائيل يعض أصابع يديه ندماً على ما فعل، وربما يعض جميع أصابعه.

أما سعيد عقل فهو مقعد منذ فترة وغير قادر على الزحف إلى أي مكان.