انتباه: هنا جيل يقهر 11 سبتمبر ومعها جيلي

TT

قضيت الأسبوع الماضي في زيارة بعض الكليات فقط، وأستطيع القول إنه كلما قضيت وقتا أطول مع الجيل الجديد من الطلبة، ازددت دهشة وإعجابا. فأنا مندهش لأنهم أكثر تفاؤلا ومثالية مما يجب أن يكونوا. وأنا معجب بهم لأنهم أقل راديكالية وأكثر مشاركة من الناحية السياسية مما هم بحاجة إليه.

كانت أكثر مخاوفي بعد 11 سبتمبر هو أن بناتي لن يكن قادرات على السفر في العالم بالأسلوب المتحرر كالسابق، مثلما كانت زوجتي وأنا نفعل.

لكن يبدو أن طلبة الكليات اليوم لن يسافروا إلى الخارج فقط للدراسة بأعداد قياسية، بل هم سيذهبون إلى الخارج كي يشاركوا في بناء البيوت للفقراء بالسلفادور أو يتطوعون في العيادات الخاصة بمرض الإيدز بأعداد قياسية أيضا. فالإرهاب لم يفت من عضدهم، بل هم شمروا عن سواعدهم وغاصوا في مياه عميقة أكثر من السابق بكثير.

قد تكون حرب العراق فوضى، لكنني لاحظت في كليتي أوبرن وأولد مس بجامعة مسيسيبي، وجود عدد غير قليل من الشباب الذين يرتدون بدلات «فيلق تدريب ضباط الاحتياط»، والكثير من أولئك الذين لم يذهبوا إلى الخارج حولوا خدمتهم العسكرية إلى برامج شعبية داخلية مثل «التدريس من أجل أميركا»، والذي أصبح لهذا الجيل مثلما كان «فيلق السلام» لجيلي.

لكل هذه الأسباب جعل البعض يطلق عليهم اسم «الجيل الهادئ». ولكن هذا الجيل يتماشى كثيرا مع مصلحته ومصلحة الوطن. وحينما أفكر بالعجز المالي الكبير والعجز في مجال الضمان الاجتماعي والعجز في مجال البيئة، الذي يتركه جيلنا لهذا الجيل، أرى أنه كان بالأحرى أن يثير غضبهم وتأزمهم، لكنهم بدلا من ذلك لا يبدو أنهم يعيرون القضية أي اهتمام، فيما نحن نستمر في تكديس المشاكل البيئية فوق رؤوسهم.

على الأكثر سيقضي أفراد من الجيل الجديد كل سنوات رشدهم يعالجون أنواع العجز التي تركها جيلي الأكثر شراهة (والذي يجسده جورج دبليو بوش) لهم.

حينما زرت ابنتي في كليتها سألتني عن ذوبان الجليد في القطب الشمالي، «الذي لم يصل إلى مستواه خلال قرن أو أكثر» كما جاء في «نيويورك تايمز»، حيث يبدو كل النظام الخاص بالقطب الشمالي «يسير إلى حالة مائية جديدة»، وعلى الأكثر سيثير ذلك «احتباسا حراريا على مستوى الكرة الأرضية ناجما عن الانسان».

سألتني ابنتي: «ماذا حدث للقطب الشمالي؟» فكما قرأت بدأ ذوبان القطب الشمالي بطريقة أسرع من أي توقعات سابقة لكن «القصة اختفت؟» لماذا لا يتكلم عنها أي من المرشحين للرئاسة؟ ألا يعرفون أن هذا الموضوع مطروح في كل المراكز الجامعية. ولكن لا يبدو أنهم يفهمون، بل يبدو أنهم مشغولون في جمع التبرعات أو شراء الأصوات، ويمكن للمرشحين أن يتضرروا من ذلك.

يخدم الجيل الجديد نفسه وأميركا إن هو طلب من كل مرشح يأتي إلى مركز جامعي ما، الإجابة عن ثلاثة أسئلة: ما هي خطتك للتخفيف من تغيرات الطقس؟ ما هي خطتك لإصلاح نظام الضمان الاجتماعي؟ وما هي خطتك للتعامل مع العجز المالي كي لا يكون عملنا لصالح الصين بعد 20 عاما.

تحتاج أميركا إلى غضب الشباب وحيويتهم. وهذا هو ما يمكن أن يقوم به جيل العشرينات. وهذا الجيل بحاجة إلى تنظيم نفسه بطريقة تجبر السياسيين وفقها كي ينتبهوا إلى مخاوفهم بدلا من لعب دور المعلم لهم.

لم يغير مارتن لوثر كنغ وبوبي كينيدي العالم عن طريق مشاركة الآخرين لرؤيتهم. فالنضال يمكن تحققه بالطريقة القديمة عن طريق الناخبين الشباب الذين يتكلمون عن حقيقة السلطة وجها لوجه وبأعداد كبيرة داخل المراكز الجامعية أو في واشنطن مول. فالسياسية الافتراضية هي افتراضية فقط. لعل ذلك هو ما أثار إعجابي خلال زيارتي الصغيرة لجامعة مسيسيبي. وهناك شاهدت تمثال جيمس مرديث. كان مرديث أول أسود يقبل في كلية أول ميس عام 1962. ويعطيك تمثاله البرونزي انطباعا كأنما هو متقدم صوب قنطرة حجرية معيدا خطوته المميتة داخل مركز جامعي محكوم بالفصل العنصري، متحديا جمهورا غاضبا وعنيفا ومحميا من قبل الحرس الوطني. فوق القنطرة حفر على الحجر كلمة «شجاعة». وهذا ما يعنيه النضال. وليس هناك تعويض عن تلك الكلمة أو تلك الحقيقة.

* خدمة «نيويورك تايمز»