بوضوح شديد: تعالوا نفرّق بين غور وبوش

TT

من المستحيل عليك، وأنت تشهد آل غور يقتسم جائزة نوبل المستحقة تماما له، أن لا تلاحظ الفرق في فن القيادة بينه وبين الرئيس بوش. فقد واجه كلاهما لحظة حرجة واختبارا قاسيا، فبالنسبة لغور كان فوزه بالأصوات الشعبية، فيما تم انتزاع ناتج التصويت منه بمحكمة عليا تحت سيطرة الجمهوريين، أما بالنسبة لبوش فكانت هجمات 11 سبتمبر الأخلاقية.

فقد غور الرئاسة، ولكنه أقدم على توحيد أميركا بكرامته وفخره، بعد أن أعطاهما حربه المشروعة، وواجه معها الإجابة على سؤال ماذا بوسعه أن يفعل في بقية حياته، فلجأ إلى حرب شخصية لمنازلة التغيرات المناخية، رغم وقوف أمور كثيرة ضده، فكان صندوق صابونه صغيرا والانتقادات ضده شرسة. ورغم ذلك أيضا، وقف على مبدئه، وبمرور الزمن، لعب دورا مركزيا في بناء إجماع عالمي فاعل في تلك القضية.

ويقول ديفيد راثكوف كاتب الكتاب القادم بعنوان (الطبقة المتفوقة، سلطة النخب العالمية والعالم الذي يصنعونه): وبصرف النظر عما حدث، فقد انكشف للكل معنى الشخصية القيادية، فقد فقد غور الانتخابات فكان عليه أن يحدد ما يفعله في حياته، فأخذ مبادرة إدارة انتباه البلاد والعالم للتركيز على الخطر المشترك وهو التغيرات المناخية. في حين فاز بوش بالانتخابات، فيما لم يعرف حقيقة ماذا يفعل في السنة الأولى له في الحكم. ولكن، وحين واجه العالم هجمات 11 سبتمبر والتهديد المشترك من القاعدة والإرهاب، كان كل العالم على استعداد للاصطفاف خلفه، ولكنه، أي بوش، وللمرة الثانية، أحدث تقسيما في الأمة الأميركية في الداخل والخارج.

وحقيقة، فبوش، وفي مكان توظيف كل تلك الوحدة خلفه لإعادة بناء أميركا في القرن الحادي والعشرين، أخذ الوحدة واستخدمها لدفع أجندة ضيقة تتعلق بـ (قاعدته)، فأخذ كل تلك الوحدة لتنفيذ أجندة يمينية في الضرائب والقضايا الاجتماعية، بلا اتجاه، سواء يوم 10 سبتمبر أو بعده بدءا من 12 سبتمبر.

والى ذلك، لم تستخدم تلك الوحدة لا في بناء سياسة حقيقية للطاقة أو إحداث انقلاب في عجز الضمان الاجتماعي، أو بناء ائتلاف يتولى أمر أفغانستان والعراق، أو حتى الحصول على برنامج قومي للرعاية الاجتماعية. وكل ذلك هو ما سيلحظه رجال التاريخ حول ميراث بوش والفرصة التي أضاعها.

صحيح أن العراق سيبقى دوما الأصعب، ولكن مهمة نصب حكومة ديموقراطية في قلب العالم العربي تبقى أيضا قضية كبيرة، ولكن بوش، وعبر ممارسته، لم يعبئ البلاد، ولم يعاقب عدم الكفاءة، ولم يجعل يوما الأبناء السيئين يحاربوننا جميعا على حد تعبير بيل ماهير، وعلى الأقل، من خلال وضع سياسة طاقة حقيقية لتقليل موارد أي فرد نحاربه نحن. فظن أن بوسعه تغيير العالم بنسبة التصويت التي فاز بها (1. 50 %)، ولكنه لم يستطع.

أما غور، فبدون رئاسة، استخدم كل وسائل الاتصال الحديثة، من الفيديو إلى العولمة للوصول إلى وخلق حركة عالمية، ويقول روثكوف: بوش أخذ أكبر منبر في العالم ليحفر لنفسه قبرا سياسيا. والنتيجة أن بوش اليوم أمام قوة مستنفدة، فيما غور، ومن الواضح، لا يريد سباقا رئاسيا، ولذلك فلا نزال في حاجة الى رئيس يستطيع توحيد البلاد حول فعل ذي معنى بشأن الطاقة والمناخ. ومعظم المرشحين الديموقراطيين ينطقون الكلمات الصحيحة، ولكني لا أحس بعاطفة حقيقية منهم، فيما يبدو معظم المرشحين الجمهوريين بأدمغة ميتة في قضية الطاقة والمناخ، فلم يكن بوسعهم رؤية الشركات الأميركية وهي تسعى لأن تصبح خضراء، لأننا ندفعها دفعا لأن تصبح فقط أكثر تحديثا وإنتاجا وكفاءة ومنافسة. وبالطبع لن يكون بوسعك أن تجعل إنتاجا أكثر خضرة من دون جعله أكثر ذكاء وأكثر عرضة للطلب، كان ذلك ثلاجة أو سفينة صغيرة، واسألوا هنا جي. إيه. من وولـ مارت أو أسألوا صن للأنظمة الدقيقة.

وكذلك لن تستطيع أن تجعل جيشا أكثر خضرة من دون أن تجعله أكثر أمنا، واسألوا هنا ضباط الجيش الأميركي الشاعرين بالإحباط من جراء توزيع الطاقة الشمسية حتى لا يكون لزاما عليهم استخدام الديزل لتسيير قواعدهم في العراق، وهو وقود يقع عليهم عبء نقله على طول البلاد وعرضها لتكون المحصلة نسفه خلال حركته من قبل المتمردين المسلحين. ومن هنا، ولجعل شركاتنا تأخذ بالخط الأخضر، علينا أن ندفعها لأن تأخذ موقع القيادة في الطاقة النظيفة في مجال الصناعة العالمية الكبرى القادمة.

وبالإجمال، فقد تم تكريم آل غور لوضعه الضوء، بما لا يقارن مع أحد آخر، على تحديات المناخ. ولكننا لا نزال في حاجة الى رؤية واستراتيجية، وجيش، وقائد في البيت الأبيض، يكون بوسعه إثارة الصغار والكبار، ليس لمواجهة ذلك التحدي فحسب، ولكن أيضا، ليروا في ذلك الفرصة لجعل أميركا تبدو أفضل، وأقوى ، وأمة أكثر إنتاجا. تلك هي إذن لحظتنا الحرجة، واختبارنا القاسي أيضا.

* خدمة «نيويورك تايمز»