الفصل الأخير؟

TT

الكل يحب النهايات السعيدة. الكل يحب النهايات السعيدة التي تأتي بعد دراما وأحداث صعبة تؤثر على من يتابعها. واليوم ها هو آل غور ينال جائزة نوبل (مناصفة مع مؤسسة دولية للمناخ)، وتأتي الجائزة بمثابة رد اعتبار معنوي من الطراز الثقيل، بعد أن خسر الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة الأمريكية في إحدى أغرب النتائج في تاريخ مناسبات من هذا النوع، والكل لا يزال يتذكر الجدل والحيرة والشك والريبة من النتيجة «الرسمية» التي أعلنت بحكم قضائي لصالح جورج بوش، وذلك بعد حملات واسعة من الادعاءات بالتزوير والتدخل في النتيجة. لقد كانت السنة التي تلت تلك الانتخابات وأحداثها قاسية جدا على آل غور، غرق في البحث عن الأسباب التي أدت للخسارة، وأثرت جدا على علاقته برئيسه السابق بيل كلينتون، ولم يلتقيا بشكل جدي قط من وقتها (لأنه لامه لعدم دعمه بالشكل الكافي، بينما كلينتون كان يبرر بعده بأن آل غور ارتأى أن يبتعد عن إدارة كلينتون الملأى بالفضائح)، حتى وجد آل غور ضالته في «البيئة» وباتت هذه القضية طوق نجاته التي وجد من خلالها ذاته من جديد ووجد «هدفا» يسخر من أجله وقته وجهده وعلاقاته، وفعلا بدأت خطواته تؤتي ثمارها، وبعد سلسلة من المحاضرات والمقالات عن هذه القضية قدم شريطا سينمائيا وثائقيا مميزا بعنوان «الحقيقة غير المناسبة» وكان الشريط الوثائقي صاحب الإيرادات الأعلى في تاريخ السينما، وبعدها حصل الفيلم على جائزة الأوسكار كأفضل فيلم وثائقي، ولحق ذلك الكتاب المعنون بنفس عنوان الفيلم، والذي وصل لمرتبة أحد أكثر الكتب مبيعا في السوق الأمريكية، وبات آل غور ينظر إليه كأحد الحكماء والعاقلين في عالم مجنون، وبات يلقى المعاملة التي تليق بزعماء ورؤساء الدول، والآن يتعرض آل غور لضغوطات استثنائية من قبل أعضاء حزبه الديمقراطي للترشح في الانتخابات الرئاسية، إذ يعتقد الكثيرون أن لديه فرصة كبيرة للفوز نظرا لحالة التعاطف الكبيرة معه، وضعف المنافسين المرشحين لدى الحزبين في هذا السياق تحديدا، ولكن آل غور ليس متأكدا ما إذا كان قادرا على مواجهة السباق وتحديات «ترويج» نفسه والضغوطات التي تأتي مع كل ذلك، ولكن السؤال الأخطر بالنسبة لآل غور: هل يستطيع قبول الخسارة مجددا في حالة حدوثها، وهو الذي جاهد مع نفسه كثيرا حتى قبل الخسارة من جورج بوش وأخذ مثارا جديدا لحياته؟ آل غور كان مشروع رئيس جمهورية منذ نعومة أظافره، فوالده كان سيناتورا من ولاية تينسي، وبدأ في تربيته السياسية مبكرا حتى وصل للكونغرس، ومن بعدها كان نائبا للرئيس بيل كلينتون في واحدة من أهم وأزهر الفترات الرئاسية في التاريخ الأمريكي المعاصر. آل غور أعاد الاعتبار لنفسه، ويبقى المشهد الأخير، فهل سيقبل ويترشح للرئاسة أم لا؟ كل ذلك «النهم» للبحث عن بطل جديد يأتي كمحاولة للخروج من الفضائح التي قدمتها مجموعة المحافظين الجدد التي اخترقت الإدارة الحالية، وجعلت هذه الحقبة الأسوأ في تاريخ الدولة العظمى الأهم في العالم.

[email protected]