سقف التوقعات

TT

يشتهر الدبلوماسيون باطلاق تعبيرات ومصطلحات فيها الكثير من المطاطية بما يمكن كل جانب من تفسيرها بالشكل الذي يلائمه وبما لا يرتب التزاما على احد، وفي احيان اخرى تنفيس الموضوع كله.

وفي قضية تشغل المنطقة حاليا، وتبدو كأنها بمثابة سباق نحو موعد محدد اما ان ينجز فيه كل شيء او لا شيء بعده، وهو المؤتمر او الاجتماع الدولي للسلام الذي دعت اليه الادارة الاميركية في نوفمبر المقبل كموعد مبدئي اصبح الشاغل هو حجم التوقعات وسقفها رفعا وخفضا بشأن ما سينجز في المؤتمر وما سيخرج عنه.

فمن جانب هناك الطرف الفلسطيني والعربي الذي مل من تجارب المؤتمرات والمفاوضات والمبادرات التي لا تنتهي الى شيء وتسبقها عادة امال عريضة لا تلبث ان تنتهي الى حالة احباط تضاعف من تراكمات الاحباط القائمة اصلا لتزيد من الوضع تعقيدا، وهذا الجانب يريد نتائج ملموسة واتفاقات تنفذ على ارض الواقع يشعر بها الناس وتساعد على اشعارهم بان هناك تقدما يتحقق.

اما الجانب الاخر خاصة الاسرائيلي والاميركي فهو المطالب بخفض سقف التوقعات او حتى عدم الالتزام بشيء، او توقع صدور شيء كما دعا رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يبدو ان حكومته منقسمة هي الاخرى حول التفاوض مع الفلسطينيين.

واقعيا فان موعد نوفمبر الذي سيعقد فيه المؤتمر الدولي ليس هو نهاية العالم، كما ان سقف التوقعات عمليا ليس مرهونا بسباق الايام والاسابيع بقدر ما هو مرهون بمدى توفر الارادة والجدية السياسية لانجاز شيء على الارض والوصول الى اتفاقات تمهد الى حلول نهائية تحفظ للفلسطينيين مصالحهم.

على الارض هناك معطيات تعطي املا واخرى تبعث على التشاؤم، فالانقسام الفلسطيني ووجود حكومتين في غزة والضفة مع تباين شديد في الرؤية السياسية عقد الامور وفتح الباب امام القول بان السلطة التي يجري التفاوض معها لا تمثل كل الفلسطينيين او على الاقل لا تسيطر على كل اراضيها، وعلى الجانب الاخر فان هذا التعقيد اسهم في تقوية الارادة الدولية في رؤية جهود جدية في التفاوض حتى لا تنفلت الامور وتصل الى مرحلة اللاعودة.

على الجانب الاسرائيلي هناك مظاهر للتسويف ووضع العراقيل واشاعة اجواء عدم سلبية تسبق تحضيرات المؤتمر من خلال مصادرة اراض فلسطينية او الحفريات، وعلى الجانب الاخر صدرت تصريحات مشجعة من جانب وزراء اسرائيليين فيما يتعلق بالقضيتين المشكلة وهما وضع القدس الشرقية ومسألة اللاجئين.

وكما يبدو الوضع فان اطرافا مختلفة تشد الحبل في اتجاهات متناقضة، ولن تكون هناك نتائج الا اذا كانت هناك ارادة قوية وجدية مدعومة من الطرف الراعي وهو الولايات المتحدة لوضع عملية التفاوض على مسار صحيح يستطيع ان يطرح ثمارا، فهناك اهمية كبيرة في ان يشعر الفلسطينيون ان هناك املا وان هناك شيئا تغير.