صدام التحالفات

TT

ليست هذه المرة الأولى: أميركا على حد السيف بين اقرب الحلفاء اليها: تركيا، شريكتها في الحلف الاطلسي، وحليفتها ضد موسكو في الحرب الباردة، وقاعدتها العسكرية في حرب تحرير الكويت. ومن ناحية ثانية تأملوا الصورة ملياً: عراق ينزلق جنوبه نحو ايران، وينخرط سنيّوه في المقاومة ضد الاحتلال، وشمال بأكثرية كردية يوالي اميركا ويحالفها ويقدم لها «النموذج الديمقراطي» بكل مظاهره: برلمان وأحزاب وبشمركة! فهل تفقده؟

لكن المشكلة غير المتوقعة كانت الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي ظن جميع الفرقاء انه قتل يوم قتلوا الثور الابيض. اي يوم خطف زعيمه عبد الله اوجلان من نيروبي، ونقل الى السجن الانفرادي في انقرة. يبدو ان حزب اوجلان يرفض ان يموت ويرفض ان يستسلم لقادة اربيل ولقادة انقرة معا. ولم ينفع في المسألة ان الرئيس جلال الطالباني عين ابنه بالذات مندوباً للمؤسسة الكردية في واشنطن. وهو للمناسبة شاب يتحدث لغة دبلوماسية فائقة وتوافقية لا علاقة لها بلغة الآباء والأجداد. فعندما يرى ازمة من هذا النوع، يحاول الخروج منها، كما يحاول مساعدة واشنطن على الخروج من الفخ المزدوج: قرار لجنة مجلس النواب حول مذابح الأرمن وقرار تركيا باقتحام شمال العراق.

ما هو الحل؟ راقبوا الصورة مرة اخرى: الهجوم التركي ينتظر موافقة البرلمان. ومشروع القرار في اللجنة الدولية في مجلس النواب الأميركي ينتظر التصويت العام في المجلس. اذن، توقفوا عن التصويت هنا، نتوقف عن التصويت هنا، ويظل قرار تركيا مجرد مشروع قرار وكذلك الاقتراح النيابي في اميركا.

هذه أسوأ مرحلة يمكن ان تفقد فيها واشنطن مساندة تركيا. انها تحتاج اليها في الوساطة مع سورية في لبنان، حيث يذهب وزير خارجيتها الخميس. وتحتاج اليها في العراق. وتحتاج الى قواعدها على اراضيها دوماً وحتى اشعار آخر. لذلك المحاولات متسارعة في كل مكان.