مطلوب موقف أوروبي أكثر حسما

TT

بصرف النظر عما اذا كان رئيس الحكومة البريطانية، توني بلير، كان قد قرر تجنب اللقاء مع آرييل شارون ـ خلال مروره في لندن غدا متجها الى واشنطن ـ ثم تراجع ووافق على الاجتماع مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ، او انه لم يكن هناك اي قرار بالرفض حتى تصبح هناك ضرورة للتراجع، بصرف النظر عن ذلك .. لا شك في ان برنامج «بانوراما» الذي عرضه التلفزيون البريطاني اخيراً عن مجزرة صبرا وشاتيلا، وفضح دور شارون فيها، ومن ثم اقرار مرجعيات قانونية دولية بجواز محاكمته كـ «مجرم حرب»، شكّل صدمة تذكّر العالم بأن هناك ضميراً، وان هناك من يمكن ان يحقق ويذيع ويبث بلا خوف رغم الضغوط ومحاولات التأثير. والى ذلك، بدا واضحا ايضا ان نوعا من البرود اعترى العلاقة بين لندن وتل ابيب، خصوصا بعدما رفضت الاولى اي تدخل في شؤون هيئة الاذاعة البريطانية لوقف بث البرنامج.

من هنا، ليس مستغربا في الوقت نفسه ان يسعى الطرفان الى «احتواء» المسألة. فاسرائيل تدرك انها ليست في وضع يسمح لها بفتح معركة اعلامية ودبلوماسية، مع دولة مثل بريطانيا. ومن جهتها، لا تخفي لندن انها ترى ضرورة في ابقاء ابواب الحوار مفتوحة مع كل الاطراف في الشرق الاوسط، وهذه رؤية في محلها... لكن السؤال هو في كيفية الاستفادة من الحوار بما يوصل الى نتيجة ايجابية، حتى لا يكون حوارا في الفراغ. لذا، ليس كثيرا القول ان لقاء بلير مع شارون يجب ان يوظفه الاول ليُسمِع الثاني كلاما واضحا حول مسؤولية اسرائيل، وسياسات شارون خصوصا، في ما آلت اليه الاوضاع.

واذا ما اتخذت لندن موقفا واضحا في هذا السياق فانها لن تكون وحدها، ففي اوروبا شعور الآن بضرورة التحرك، إذ ان الوضع في الاراضي المحتلة وصل الى مرحلة غاية في الخطورة، ولا شك ان ترك «مفاتيح الحل» بيد شخص مثل ارييل شارون وغلاة المستوطنين هو اقرب ما يكون الى جريمة صمت وتواطؤ.

من الواضح ان اوروبا تحاول ان تفعل شيئا، وها هو خافيير سولانا، المفوّض الامني والسياسي الاوروبي، يقابل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعد لقائه شارون. صحيح ان اوروبا الرسمية لن «تنقلب» على واشنطن، الا ان الحكومات الاوروبية هي في نهاية المطاف حكومات ديمقراطية تتأثر بشارعها وإعلامها وهيئاتها المدنية الضاغطة. ومن مصلحة واشنطن الآن الاستفادة من دخول الاوروبيين على الخط بدل التصدي له. ان تغير المناخ الاوروبي إزاء حرب شارون ضد الفلسطينيين تطور ايجابي، يدعو للتفاؤل بمواقف اوروبية اكثر حسما.