مع بوش أو بدون بوش

TT

استعرضت في كتابي «دليل المواطن للجهاد المدني» الصور المختلفة من الاحتجاج اللاعنفي الذي مارسته ويمكن ان تمارسه الشعوب ضد الاحتلال والظلم والدكتاتورية. مما يلفت النظر في امر هذه الاحتجاجات السلمية ان اكثرها قامت بتبنيها وممارستها المرأة. من اشهر هذه الحملات الاحتجاجية الشعبية كانت الحملة التي تبنتها وقادتها ام المصريين، السيدة صفية، زوجة الزعيم المصري الشهير سعد زغلول، بعد قيام الانكليز باعتقاله ونفيه الى جزيرة مالطة.

دعت ام المصريين (لقبت بهذه الكنية لأنها كانت عاقرا فاعتبروها اما لكل المصريين وكل المصريين اولادا لها) الى شن حملة «يحيا سعد» تحديا للانكليز، وذلك بختم كل جنيه مصري بختم «يحيا سعد». جندت لذلك عددا من الفتيات والفتيان للقيام بذلك من بيتها «بيت الامة» وناشدت الشعب المصري القيام بمثل هذا كلما وقع بيدهم جنيه. تضايق الانكليز من الحملة الى حد انهم اخذوا يسحبون الجنيهات المبصومة بهذا الختم واستبدالها بجنيهات جديدة. لكن ما ان وصلت هذه الجنيهات الى اىدي الجمهور حتى بادروا الى بصمها ايضا بعبارة «يحيا سعد».

لا شك ان ذلك اصبح من العناصر التي هزت اعصاب الاحتلال البريطاني، مما ادى الى اعادة سعد زغلول الى بلده ودعوته للتفاوض على استقلال مصر.

بعيدا عن مصر، وعبر المحيط الاطلسي، فكرت السيدة اميلي هوفستر من نساء كاليفورنيا في الولايات المتحدة بتنظيم حملة احتجاجية ضد رئاسة جورج بوش الحالية. انها واحدة ممن آمنوا ايمانا قاطعا بأنه قد نال الرئاسة بصورة زائفة وان على الجمهور الامريكي ألا يتوانى في التعبير عن احتجاجه ضد وجوده في البيت الابيض.

لاحظت اميلي هوفستر ان كلمة بوش (Bush)، تعني في اللغة الانجليزية «خميلة كثيفة بالاعشاب»، فقررت استغلال ذلك في التنديد به بصورة شخصية فريدة. صفية ام المصريين امرأة عربية مسلمة ورعة ادركت ما للجنيه من مكانة مرموقة في قلوب قومها فعبرت عن افكارها بتلك الورقة العزيزة، لكن اميلي هوفستر امرأة امريكية والامريكان لا يعنيهم شيء في هذه الايام غير الهوس بالجنس وما يتعلق بالجنس من قريب او بعيد. مضت فحلقت ما عندها من شعر العانة ووضعته في مظروف خاص بعثت به الى القصر الابيض وعنونته بعنوان الرئيس الاميركي مع هذه العبارة: (I would rather go bare than have Bush) أو ما معناه بلغة الجواهري ونزار قباني: (افضل ان اكون عارية من ان يكون لدي بوش).

فعلت ذلك ونفذ البوسطجي طلبها فسلم شعرتها وكلماتها للرئيس الامريكي، ثم وجهت نداءها لكل النساء الامريكيات ان يقتدين بها ويفعلن ما فعلته فيحلقن عاناتهن ويبعثن بالشعر الى البيت الابيض مع تلك العبارة البليغة. كان ذلك في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. ونحن الآن في شهر يونيو (حزيران). لم اطلع بعد على أي ارقام احصائية تبين كم من السيدات الامريكيات يمشين في الشوارع الآن ببوش او بدون بوش، ففي الدول الديمقراطية يترصدون لمؤشرات الرأي العام حتى عندما ترد متوارية تحت كلوتات المواطنين والمواطنات.