أحداث مصر.. وقضية التسامح

TT

الجبهة المصرية الداخلية ما زالت صامدة امام كل محاولات شق الصف الوطني، الذي يمارسه المجانين باسم الاسلام مرة، وباسم الاقباط مرة اخرى. مصر اكبر دولة عربية، واستقرارها هو عامل استقرار اساسي للمنطقة، ولذلك فان فشل كل المحاولات لدفع المصريين الى الاقتتال هي نقطة تسجل لصالح العقل ولصالح الاستقرار والتنمية في مصر.

القيادات السياسية والروحية والمثقفون المصريون اثبتوا قدرا كبيرا من المسؤولية، فالموقف الجماعي الذي ادان محاولة احدى الصحف شق الصف الوطني كان متميزا، وهي حالة ليست جديدة على مصر والمصريين، حيث يبرز دور المثقفين والسياسيين، ورجال الدين في اللحظات التي يشعرون فيها ان الوحدة الوطنية مهددة.

الشعب المصري متسامح بطبيعته، ولذلك لم يكن مستغربا ان الوطنية كانت دائما فوق كل الاعتبارات الاخرى، وان اكثر من رئيس وزراء لمصر كان من الاقباط من دون ان يثير ذلك مشكلة.

في قمة احداث العنف التي شهدتها مصر، والتي حاول فيها المتطرفون من اسلاميين واقباط شق الوحدة الوطنية، والتي وصلت الى مذابح في الصعيد، والى استخدام منابر خارج مصر، كانت الاغلبية من المصريين ضد العنف وضد التطرف، ومع الوحدة الوطنية.

الاقباط في مصر ليسوا اقلية في مواجهة اغلبية، ولكنهم جزء من النسيج الوطني المصري، والاقباط المصريون لم يكونوا يوما سلاحا في يد اطراف خارجية تستخدمهم وقت الحاجة لايذاء بلدهم، والمسلمون في مصر، لم يكونوا يوما معادين لاخوتهم الاقباط، وكل ما تراه من مظاهر تطرف هو امر دخيل على مصر، وجديد على الثقافة المتسامحة فيها، والدليل على ذلك هو احتضان بعض الاطراف المعادية للعرب والقريبة من اسرائيل لمثيري الفتنة.

تجربة الاسبوع الماضي في مصر تستحق الاعجاب، وهي درس في كيفية معالجة القضايا الحساسة، وخاصة المتعلقة بالعقائد وبالامن القومي بروح المسؤولية والعقل، وهي درس عن خطر الاقلية المتطرفة التي هي موجودة في كل الاديان على وحدة المجتمع وتماسكه.

التسامح هي الكلمة السحرية، وهي مفتاح الاستقرار في مجتمعاتنا اذا اردنا لهذه المجتمعات استقرارا وتنمية، وبديل ذلك هو فتح ابواب جهنم على مصراعيها وتعريضنا جميعا لخطر الانتحار الجماعي.