كابوس المستقبل.. النووي في يد «القاعدة»

TT

يشغل رولف موات ـ لارسن وظيفة تتطلب التفكير في ما لا يمكن التفكير حوله، فبوصفه مديرا للاستخبارات بوزارة الطاقة تتركز مسؤولياته في جمع المعلومات حول أي تهديد تشكله جماعة إرهابية تهاجم أميركا بسلاح نووي، ولكنه يبدو مثل الشخص الذي شاهد شبحا، فعندما تستمع إلى التقرير الذي ألقاه على الرئيس بوش وكبار مسؤولي الإدارة الاميركية في الآونة الأخيرة، تدرك جيدا السبب وراء ملامح الفزع التي بانت على وجهه، فهو على قناعة بأن «القاعدة» تحاول الحصول على قنبلة نووية.

اعتقد أن لدينا من الخوف ما يكفينا لبقية حياتنا. أصبحنا بالتأكيد أكثر خوفا من الإرهاب منذ 11 سبتمبر (أيلول) 2001 إلى درجة جعلتنا نؤدي للإرهابيين عملهم من خلال إضعاف الإطار القانوني لديمقراطيتنا.

موات ـ لارسن لا يريد أن يشعر بعد فوات الأوان انه لم يطلق التحذير المناسب في الوقت المناسب. فقد ظل يجمع هذه الأدلة بعض بضعة أسابيع عقب وقوع هجمات 11 سبتمبر 2001 عندما طلب منه مدير «سي آي إيه» السابق، جورج تينيت، تأسيس فرع جديد مختص في أسلحة الدمار الشامل كجزء من قسم مكافحة الإرهاب. وساعد موات ـ لارسن تينيت على تجهيز فرع متخصص في متابعة مساعي «القاعدة» للحصول على سلاح نووي، حسبما جاء في مذكرات تينيت بعنوان «في قلب العاصفة». والآن، بعد أن تلاشت الضجة حول خطأ تقييم تينيت بشأن التهديد العراقي في السابق حان الوقت لإعادة قراءة ما قاله في هذا الصدد. يقول موات ـ لارسن انه على مدى حوالي عقد من الزمن تقريبا قبل 11 سبتمبر 2001 كانت «القاعدة» تسعى للحصول على أسلحة للدمار الشامل. وطبقا لشهادة أدلي لها أمام محكمة فيدرالية في فبراير (شباط) عام 2001 كان بن لادن قد عرض عام 1993 مبلغ 1.5 مليون دولار لشراء يورانيوم بغرض استخدامه في سلاح نووي. ولدى سؤاله عام 1998 حول ما إذا كان لديه أسلحة كيماوية أو نووية، رد بن لادن: «الحصول على أسلحة للدفاع عن المسلمين واجب ديني. إذا حصلت على هذه الأسلحة بالفعل، فسأحمد الله على ذلك».

وحتى عندما كانت «القاعدة» تعد للهجوم بالطائرات المخطوفة كانت المجموعة تحاول أيضا الحصول على أسلحة نووية وبيولوجية وفي أغسطس (آب) 2001 التقى أسامة بن لادن ونائبه ايمن الظواهري علماء باكستانيين بغرض مناقشة إمكانية إنتاج «القاعدة» سلاحا نوويا. كان لـ«القاعدة» أيضا برنامجا لإنتاج الآنثراكس اكتشف في ديسمبر (كانون الأول) 2001 بعد إخراج أسامة بن لادن من أفغانستان.

أعلنت «القاعدة» أيضا في يناير (كانون الثاني) على لسان سليمان ابو غيث في بيان نشر على شبكة الانترنت أن «للقاعدة الحق في قتل 4 ملايين اميركي ردا على هجمات القوات الاميركية على مسلمين». وفي مايو (آيار) 2003، في الوقت الذي كانت تحاول فيه عناصر تابعة لشبكة «القاعدة» شراء ثلاث قنابل نووية من روسيا، أصدر رجل دين يدعى ناصر الفهد فتوى حول «مشروعية استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد الكفار»، وأكدت التحقيقات التي أجريت مع عناصر تابعة لـ«القاعدة» صحة تلك المعلومات.

هذا جزء فقط من الأدلة التي عمل موات ـ لارسن على جمعها منذ ذلك الوقت. والسؤال الآن: ما الذي يجب فعله في مواجهة هذا الخطر؟ يقول موات ـ لارسن ان من الضروري تصور هذا الخطر. كيف ستستطيع «القاعدة» إنتاج قنبلة؟ وكيف ستتمكن من تركيب أجزائها؟ وكيف ستنشر أميركا والدول الحليفة لها إمكانياتها الاستخباراتية لتستطيع كشف المخطط قبل تنفيذه؟ وما الذي ينبغي عمله على الصعيد الاستخباراتي لدرء هذه الكارثة؟

وقوع هجوم نووي إرهابي، كما أورد تينيت في كتابه، سيغير التاريخ. ولكن، وإذا ما تسنى لنا معرفة ما يمكن أن تنتهي إليه هذه القصة، فربما نستطيع تفادي هذا الخطر.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الاوسط»