ذات سنة في نيجيريا

TT

العام 1966 كان رئيس الجمهورية القبرصية المطران مكاريوس في ضيافة حاكم إقليم إينوغو، نيجيريا، عندما وقع انقلاب عسكري أطاح الحكم في البلاد. بعد ثماني سنوات، 1974، قام ضابط قبرصي من عملاء السي. آي. إيه بانقلاب على مكاريوس في نيقوسيا. هذا الأسبوع كنت أراجع تاريخ أفريقيا الحديث عندما لاحظت قاسما مشتركا: لم يقلب العسكريون الحكم في بلد وبقي كما هو. لم يعرف بلد حكمه العسكريون الازدهار. نيجيريا راحت تتنقل من ضابط الى آخر، وأما قبرص فلم تعد كما هي بعد مكاريوس. لقد تسبب ضابط في تقسيمها منذ ثلث قرن، وربما الى الأبد.

بعد الضباط استمرأ الرقباء والعرفاء الاستيلاء على السلطة: عريف سابق في الكونغو وعريف سابق في أفريقيا الوسطى وعريف سابق في ليبيريا. الباقون لا أدري عنهم. وزع الأميركيون الانقلابات العسكرية في قارتي الفقر، أفريقيا وأميركا اللاتينية. في الأولى، لم يتغير شيء: لا الحروب ولا المجاعات ولا الأمية ولا الإيدز ولا التخلف ولا الموت سأماً في الساحات والطرقات. في أميركا اللاتينية دخل الازدهار مع خروج الانقلابيين: الأرجنتين في بحبوحة بعدما عرّيت. البرازيل في ازدهار بعد زوال عصر الانقلابات. التشيلي نمر لا يتوقف عن القفز. البيرو أرفع نسبة تطور اقتصادي في العالم. الأوروغواي. بوليفيا. كوستاريكا وما أدراك ما كوستاريكا. الدومينيك. كل دولة دخلت النظام المدني خرجت من ظلام الفقر والتخلف. أو شرعت في ذلك.

أفريقيا في مكانها. أو هي تندب أيام الاستعمار. الحروب تنهشها والمجاعات تفترسها والجفاف يحصدها والأنظمة العسكرية تفتت وحداتها. وفي بلدان أخرى، أو في بقاياها، حلت الميليشيات محل العسكر. الصومال أرض واحدة ودين واحد لكنها اليوم ألف فرقة تطارد بعضها البعض. دمّر الانقلابيون المؤسسات وتركوا الفوضى تنتعش وتبوء. ومن يعتقد أنني أبالغ أو أجانب الحقيقة والواقع أرجو أن يصحح. أرجو أن يدلني على انقلاب عسكري ترك إنجازا في التعليم أو في الزراعة أو في الصناعة أو في الاقتصاد. وأرجو مقارنة أي من هذه الدول بماليزيا أو سنغافورة أو الهند. كما أرجو ألا يقول لي أحد إن ديغول كان عسكريا وآيزنهاور كان عسكريا، لأنهما انتخبا في أنظمة مدنية. فيما أتذكر حكاية مكاريوس في نيجيريا مررت على الخريطة الانقلابية كلها. لم يبق بلد كما كان ولا شعب كما كان ولا شيء كما كان. ومرة أخرى، أرجو تصحيح الخطأ.