لماذا الوقوف ضد الأتراك؟

TT

لا أريد الدفاع عن حق المتمردين الأكراد الأتراك في عملياتهم العسكرية ضد الدولة التركية، لأنها مثل الأعمال التي نرفضها من قبل الجماعات المسلحة في العراق، وغيرها من جماعات العنف في المنطقة. ومن حق تركيا محاربة الإرهاب على أراضيها، هذه مسألة لا خلاف حولها. إنما نحن نواجه تطورا خطيرا، حيث أن تركيا من حيث تريد أو لا تريد، ستدمر نظام كردستان العراقي بأكمله، تحت ذريعة ملاحقة جماعة كردية تركية. فإقليم كردستان العراقي مشروع مكروه لتركيا منذ انفصاله، بعد حرب تحرير الكويت في عام 91. ويمثل لكل من تركيا وإيران وسورية مصدر قلق دائم، لوجود أقليات كردية متململة على أراضي هذه الدول الثلاث. وهو ما يفسر إلى حد كبير تأييد سورية لتركيا في موقفها ضد العراق، الذي بررته بحق الدفاع عن النفس. ويفسر أيضا قيام إيران بقصف كردستان العراقية قبل شهر، ولم يردعها احد من الجيش العراقي أو القوات الاميركية.

والسؤال المهم هل يهمنا بقاء كردستان العراق رغم ما يحيطه من جدل داخل العراق وخارجه؟

إن تحطيم نموذج الإقليم الكردي في العراق سيكون مدخلا لفتن سياسية عراقية قد تمتد إلى بقية الدولة، في الوقت الذي يكرر الجميع مقولة أهمية المحافظة على وحدة العراق. وبتحطيم كردستان يحطم الإقليم الوحيد الذي يعيش استقرارا نسبيا، والملجأ الوحيد لآلاف العراقيين الهاربين من العنف في بقية البلاد.

الوقت حان لفهم المعادلة بشكلها الصحيح. فنحن نطالب بواجبات كثيرة، نطالبهم بأن يبقوا ضمن الدولة العراقية ولا يستقلوا، رغم أن إقليمهم مهيأ للاستقلال لو صدر القرار السياسي، ونطالب الأكراد بأن يرفعوا العلم العراقي، ونطالب الأكراد بأن يسلموا مداخيل نفطهم لبغداد. ونطالب قوتهم المسلحة الكردية، البشمركة، بأن تشارك في حماية المؤسسات في داخل العاصمة بغداد، ونطالب الأكراد بالالتزام بقرارات الدولة ومؤسساتها الداخلية. الآن حان الوقت أن نثبت أن لكردستان حقوقا مثل ما إن عليها مسؤوليات. حق الأكراد أن نقف معهم ضد الأتراك، حتى لا تمر دباباتهم من الإقليم. وحث الحكومتين الحكومة العراقية والاميركية على أن تدافع عن كردستان كما تدافع عن بغداد ضد الإرهابيين. عمليا عزم تركيا على تدمير الإقليم سيكون القشة الأخيرة للعراق، بعده سيدخل حرب المائة عام بين أطيافه وبمشاركة جيرانه والقوى الدولية. فإقليم كردستان يمثل النموذج الوحيد الناجح، والعمود الواقف في البلاد، ومن خلاله يرجى تمكين العراق من التوحد والاستقرار. ولو سمح للأتراك بتهشيم كردستان ستكون إشارة ضوء خضراء لإيران أن تفعل الشيء نفسه في جنوب العراق، ساحة المعركة المقبلة. وهذا عمليا نهاية العراق الذي يدافع جيرانه العرب عن وحدته، لأن تشققه يهدد أمن الإقليم ككل.

[email protected]