السواحل المهجورة

TT

تطل السعودية على واجهات بحرية هي الأطول بين دول المنطقة، ومن هذه الواجهات ما يطل على البحر الأحمر، ومنها ما يطل على الخليج العربي، لكن استثماراتنا للسواحل سياحيا لم يزل دون مستوى جمالياتها، فثمة جزر يمكن أن تشكل منتجعات سياحية فريدة لو أحسن توظيفها وتكييفها وإعدادها، وفي مقدمة هذه الجزر جزر فرسان في الجنوب، التي يطلق عليها جزر اللؤلؤ والعنبر والمرجان، فلهذه الجزر خصائص جمالية يصعب تخيلها على من لم يقم بزيارتها، فالنخيل على شاطئها لا يبعد سوى أمتار محدودة جدا عن انكسارات الموج، وعلى شاطئها تقام أجمل احتفاليات البحر في موسم أسماك «الحريد»، كما تنمو على سواحلها أشجار المانجريف العجيبة، وقد أبلغني أحد هواة الغوص في الأعماق أن المرجان في قاع بحرها شكل لوحات فنية يصعب أن ترى مثلها في أشهر أماكن الغوص العالمية.. إنها جزر فاتنة خلابة ساحرة يفترض أن تحتل المقدمة في مشروعاتنا السياحية.

وبالقرب من سواحل مدينة القنفذة تطل جزيرتان فريدتان هما أم القماري وجبل الصبايا، والأولى تظلل صباحاتها أجنحة القماري في بعض المواسم، وقد شهدت تلك الظاهرة بنفسي أثناء زيارة إلى هناك في وقت ضمت فيه الجزيرة الملايين من ذلك الطائر الجميل، ويقال إن بالثانية آثار حياة قديمة.. وقبالة مدينة جدة كانت توجد جزر ثلاث هي: جزر سعد والواسطة وأبو علي، وشكلت تلك الجزر على مدى قرون طويلة متنفسا لسكان المدينة يبحرون إليها بمراكبهم الشراعية ليقضوا بعض الإجازات في رحابها، لكن هذه الجزر لاحقتها اليابسة وابتلعها الميناء وبعض التوسعات الحديثة.. ومثل هذه الجزر الكثير في عدد من سواحلنا الشرقية والغربية التي بقيت خالية تعصف بها الرياح.

ذلك حال الجزر، ولجل المدن التي تطل على البحر الكثير من حظوظ الجزر، فمن مدينة الوجه شمالا إلى جيزان جنوبا على الساحل الغربي توشك تلك السواحل أن تكون خالية من الاستثمارات السياحية باستثناء جدة وأجزاء محدودة أخرى انتصبت على شاطئها القليل المنتجعات، رغم أن البحر في صناعة السياحة يعتبر من أبرز مقوماتها، فعلى سواحله يمكن أن تقام الكثير من الرياضات البحرية كمسابقات اليخوت والصيد والسباحة والغوص وغيرها.. فهل تدب في جزرنا ومدننا الساحلية حياة جديدة تنسجم مع حرصنا على تفعيل السياحة الداخلية وتشجيعها وتنوعها؟

[email protected]