حلفاء بن لادن

TT

التسجيل الأخير لزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، الذي اعترف فيه بوقوع أخطاء في العراق وسط من أطلق عليهم وصف «المجاهدين» داعيا أنصاره إلى الاحتكام للشرع ونبذ الخلاف، والسمو فوق جميع المفاهيم، يبدو المقصود به الخروج على القبيلة في العراق، من أجل الانضواء تحت راية «القاعدة»، وهذا دليل على أثر الضربات التي تلقاها مقاتلو «القاعدة» جراء صحوة أبناء الأنبار، وغيرها من المناطق السنية التي هبت في وجه المتطرفين من أبناء السنة.

دعوة بن لادن لأعوانه بضرورة الابتعاد عن المفاهيم القبلية وغيرها منافية لعقيدة التنظيم الأمنية والعسكرية، فـ«القاعدة» وقياداتها لا تحتمي، ولا تنتشر، ولا تستفيد إلا من الصراعات الطائفية، والنزعات القبلية. والهدف من تلك الدعوة، بالطبع، هو ضرب أسفين بين أبناء العشائر وقياداتهم من أجل فسح المجال لمقاتلي «القاعدة» لاستعادة نشاطهم الإجرامي في العراق.

ومن هنا تتضح أهمية صحوة أبناء العشائر في العراق، وضرورة دعمها، والوقوف معها، داخليا وخارجيا، وإلا كان البديل هو «القاعدة»، وأفعالها الإجرامية.

شريط بن لادن الجديد كشف عن أهداف «القاعدة» في العراق، وحجم الضربة التي تلقاها التنظيم، وبالتالي أصبحت الكرة في ملعب المعادين لـ«القاعدة»، والراغبين بدعم الأمن في العراق، وتطهيره من الأعمال الإرهابية.

وأكثر المعنيين هنا هو الحكومة العراقية، ودول الجوار، حيث بات الخيار هنا محدودا، ليس على طريقة الرئيس الأميركي جورج بوش، وإنما وفقا لطبيعة «القاعدة»، والخيار هو إما أن نكون مع «القاعدة»، أو ضدها.

الوقوف أمام دعم صحوة العشائر، وإعاقة تسليحهم، ضد إرهابيي «القاعدة» يعنيان الوقوف مع بن لادن، والاستمرار في فرض الاضطرابات الأمنية التي تطيل أمد معاناة المواطن العراقي، في أجزاء مهمة من العراق، بل والعراق ككل.

فإذا كنا نطمح للحفاظ على المشروع الأمني، والمدني في كردستان العراق، ونريد له أن يكون النموذج الأمثل في العراق، فإن الأنبار، وغيرها من المناطق السنية، بما فيها الفلوجة اليوم، باتت تمثل أملا لمن يريد استقرار العراق، وفق مفهوم بعيد عن الطائفية، وواقع يحتم خروج القوات الأجنبية من البلاد.

وكنتيجة لأحد جوانب الاستقرار الأمني الذي تحقق في الأنبار، طالب شيوخ العشائر السنية هناك بعودة آلاف العوائل الشيعية التي كانت تسكن في مدينة الرمادي السنية منذ سنوات إلى المدينة، والعيش جنبا إلى جنب مع مواطنيهم السنة، كما كانوا سابقا.

فهل هذا العراق الذي نريد، أم العراق الذي يريده تنظيم «القاعدة» وزعماؤه الإرهابيون؟ هذا سؤال لا بد أن تجيب عليه حكومة السيد نوري المالكي.

[email protected]