على الفراش ولا يدرون ما دائي!

TT

لي كلب مريض..طريح الفراش. وفي نظراته ضعف واستسلام. فهو لا يعرف ما أصابه ولا يدري ما علاجه. وهو مستسلم تماماً. ولكن لا بد انه يراني حريصاً على علاجه انتقل به من طبيب الى طبيب. ولكن نظرته الحزينة المقهورة هي التي توجعني..

وأنا أيضاً مريض. طريح الفراش. ولكن أعرف ما عندي. وأكذب وأصدق ما يقوله الأطباء. ولا حيلة لي. ولا حول ولا صول ولا قوة. هم يقولون. وأنا لا أملك إلا السمع والطاعة..

ولا أريد أن يموت كلبي. فقد مات لي كلب من قبل.. وحزنت عليه وعلى نفسي أيضاً. وعلى أنني ارتبط به وكيف لا أفعل بمن يحبني وأحبه. وأدعوه ويستجيب ويتمدد أمامي والى جواري.. مخلصاً صادقاً. فالكلاب لم تتعلم الكذب بعد من معاشرتها للانسان..

والكلب أحسن حالا. فهو إذا مات فسوف احزن عليه كثيراً.. احزن على صديق كان ثم لم يعد.. على الذي يمشي ورائي وينام تحت قدمي وينتظرني بعد الطعام والشراب أن أسمح له بأن ينام وأن يصحو.. شيء واحد يغيظني من كلبي وأكاد احسده عليه.. فهو أينما وضع رأسه جاء النوم عميقاً.. ولو استطعت لفعلت مثله.. فهو يضع رأسه على جزمتي وينام.. ويضع رأسه عند قدمي وينام وأمام مكتبي وينام ليلا ونهاراً كيف؟.. إنها حكمة الله. إنها نعمة الله اعطاها للكلاب وحرم منها البشر. ويتمدد كلبي على الفراش امامي.. وأذكر قول الشاعر القديم:

يا ويح قومي أبلى بين أعينهم

على الفراش ولا يدرون ما دائي

وقال أمير الشعراء شوقي:

يا ويح قومي ابلى بين أعينهم

ويدرج الموت في جسمي وأعضائي

وينظرون لجسم لا حراك به

على الفراش ولا يدرون ما دائي!

فإذا مات حزنت عليه.. ولكن إذا مت أنا فلا أحد يحزن علي.. فقد مات أبي وأمي وكل اخوتي وأكثر أصدقائي وأساتذتي ولا أريد أن أموت قبله فيحزن هو علي، فأنا لا اطيق عذابه من بعدي!