قراءة في إحصاءات الجريمة

TT

تظهر إحصاءات الأمن العام السعودي لعام 2006 حدوث 88609 جرائم، منها 39608 جرائم سرقة، و15492 جريمة قتل، و11680 جريمة أخلاقية، و2145 جريمة احتيال، وإن كانت الجرائم في مجملها قد انخفضت في عام 2006 عن عدد الجرائم في عام 2005، لكن ثمة نوعيات من الجرائم ارتفعت معدلاتها في عام 2006 عن معدلها في عام 2005، فجرائم القتل ارتفعت في 2006 بمعدل 1452 حالة عن عام 2005، وجرائم الاحتيال والتزوير زادت بمقدار 300 جريمة، كما ارتفعت الجرائم الأخلاقية بمعدل 945 حالة.

انخفاض المعدل العام للجريمة يحمل الكثير من الدلالات الطيبة للجهود المبذولة على المستوى الأمني والقضائي والاجتماعي، في الوقت الذي يتطلب الارتفاع النوعي في بعض مجالات الجريمة قراءة عميقة لتحليل أسبابها، فجرائم القتل التي بلغت في عام 2006 نحو 15492 حالة، بزيادة 1452 حالة عن عام 2005 رقم يدعو إلى التوقف عنده طويلا، فـ 15492 جريمة قتل في العام يفترض أن تدق من أجله كل أجراس التحذير الاجتماعي، وينبغي أن تستنهض جهود آلاف الاختصاصيين في حقول النفس والاجتماع والتربية لمحاصرة أسبابها بالتخلص من بعض الصيغ «العنترية» التربوية التي تشحن بها بعض النفوس صغارا، حتى تألف التفكير بعضلاتها بدلا من عقولها، وتصبح رهن انفعالاتها المستثارة دائما، كما يفترض الدعوة لإيقاف ظاهرة التعاطف مع القتلة، والامتناع عن تقديم الملايين لإنقاذ رقابهم من القصاص لكي لا تستسهل جريمة إزهاق الأرواح التي حرمها الله، فتشيع جرائم القتل في هذا المجتمع الآمن.. أما جرائم الاحتيال فتلك من الابتلاءات التي ابتلي به مجتمعنا حديثا، وارتبطت بداياتها بالمخططات والاستثمارات الوهمية التي ذهب ضحيتها الآلاف، وتسببت في الكثير من الآلام والمعاناة لشريحة كبيرة من المواطنين، ولم تكن عقوبات مرتكبيها بحجم الأذى الذي ألحقوه بالآخرين، كما لم يكن البت في تلك القضايا بالسرعة التي يتطلع إليها المتضررون، ومما يؤسف له أن انتشار جرائم الاحتيال اقتاتت من ثقة الناس ببعضهم في مختلف أنواع التعاملات في البيع والشراء والعقود وغيرها، وحل الشك محل اليقين، وسوء الظن بدلا من الطمأنينة.. ومن غير المقبول إلقاء أخطائنا التربوية على كاهل الأجهزة الأمنية، فالأمن الاجتماعي قبل كل شيء مسؤولية الأسرة، التي لو قامت بواجبها التربوي لما كان بيننا في عام واحد 15492 قاتلا، و39608 لصوص، و2145 محتالا، مع مراعاة أن تلك الإحصاءات تضم أيضا نسبة من الوافدين.. وحسبنا الله.

[email protected]