لماذا لا تفوز النساء؟

TT

أعرب وزير الداخلية العماني في مجال إعلانه نتائج انتخابات مجلس الشورى الأخيرة عن أسفه لعدم فوز أي مرشحة في المجلس الجديد الذي جاء رجاليا صرفا بينما كانت المجالس السابقة تضم عضوات، وان كان العزاء الذي قدمه هو أن المشاركة النسائية كانت كبيرة وأن بعض المرشحات المتنافسات حللن في مراتب متقدمة ثانية أو ثالثة بعد المرشح الفائز.

وقصة الانتخابات والنساء في عمان هي نفس القصة بدرجات متفاوتة في بقية انتخابات الدول والمجالس التشريعة أو المحلية في دول عربية أخرى، وتبدو فيها الحكومات أكثر تقدما على المجتمع وتنظيماته السياسية الأخرى من حيث رغبتها في رؤية تمثيل أكبر للمرأة في المجالس المنتخبة، لكن النتيجة عادة ما تنتهي بشكل مخيب للآمال رغم الحشد والدعاية والآمال العريضة التي تسبق الاقتراع.

والاحصاءات المتوفرة تفيد بانه صحيح ان نسبة تمثيل المرأة ارتفعت أو تضاعفت في المجالس المنتخبة في الدول العربية لكنها ما زالت في حدود الـ 5% من اجمالي المقاعد المتاحة في هذه المجالس وهي نسبة من حيث الاحصاء لا تتناسب مع دور المرأة التي تمثل نصف المجتمع، أو حتى رغم مختلف العوامل الاجتماعية والثقافية لا يتناسب مع ما نشهده على الساحة من مشاركات نسائية في الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية المختلفة أو في الانشطة الاقتصادية.

فالمرأة نشطة سياسيا في عدد من البلدان العربية خاصة مع التيارات الاسلامية حاليا وهي تمثل قوة تصويت وحشد سياسية مهمة بالنسبة لهذه التيارات أو الاحزاب واليمن أو مصر مثال على هذا، بينما التيارات الأخرى بما فيها الاحزاب الحكومية لا ترغب في بذل جهد حقيقي أو تشعر بان المرأة يمكن أن تكون عبئا عليها في الدائرة الانتخابية بما قد يضيع فرصة الفوز به لصالح منافسين آخرين.

وحتى نكون منصفين فان ضعف التمثيل السياسي للمرأة ليس ظاهرة عربية فقط، فحتى الدول المتقدمة تتفاوت فيها نسب التمثيل، ولم تشهد تحسنا سوى في فترة حديثة للغاية لا تتجاوز ربما عقدين أو ثلاثة، ولاتزال مسألة التكافؤ في الفرص والدخول لنفس الوظائف مطروحة بينما يصعب ان تجد بلدا في العالم نسبة تمثيل المرأة في صنع القرار السياسي مماثلة لنسبة تمثيل الرجل، والمؤكد ان الوصول الى ذلك سيستغرق اجيالا. لكن الانصاف ايضا يقتضي الاقرار بان المنطقة العربية فيها تكثيف شديد للفشل السياسي للمرأة وترسيخ أكبر لذكورية الانتخابات والتمثيل السياسي.

وهو وضع لن يتغير في عام أو عامين وسيحتاج الى عقود من العمل الدؤوب والدفع في اتجاه ومعالجة مواريث ثقافية وأوضاع اجتماعية من اجل ان يكون هناك قبول مجتمعي عام بان تمثيل المرأة سياسيا مسألة ضرورية لحيوية المجتمع ومؤسساته، واقتناع الناخب باعطاء صوته لمن يطرح برامج أفضل بصرف النظر عن الجنس.

وقد لجأت بعض الدول الى ما يطلق عليه تمكين المرأة أي فرض حصة أو كوتة معينة في مجالسها للمرأة، وهو حل يحتاج الى العمل بنظم القوائم النسبية في الانتخابات ولا يصلح لانظمة الدائرة الفردية، كما انه يمكن ان يكون حلا مرحليا لفترة لتعويد المجتمع على الوجود النسائي في هذه المجالس، وان كان الوضع المثالي هو المنافسة المفتوحة لاختيار الأكفأ.