إيران وكعكة العراق

TT

عاد الإيرانيون مجددا، على لسان وزير خارجيتهم منوشهر متقي، للمطالبة بالانسحاب الأميركي من العراق، معلنين إمكانية ملء الفراغ في العراق، ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة.

فبعد تصريحات الإيرانيين السابقة بأن طهران على استعداد لملء الفراغ في العراق، ثم العدول عن تلك التصريحات، والقول بأنها حرفت عن سياقها أثناء وجود الرئيس الإيراني في نيويورك، والقول بأن ملء الفراغ سيكون من خلال السعودية وإيران، قدم الإيرانيون طريقة مختلفة لملء الفراغ لا يمكن وصفها إلا بأنها مشروع تقسيم إيراني للعراق، بعد أن رفضت محاولة التقسيم التي طرحت من قبل البعض في واشنطن.

ففي كلمته في مؤتمر دول الجوار العراقي الأخير في إسطنبول جدد وزير الخارجية الإيراني دعوة بلاده للقوات الأميركية بالانسحاب من العراق وتشكيل إيران وسورية لآلية تنضم إليها تركيا والسعودية لملء الفراغ في العراق.

ومعنى ذلك أن طهران تريد تقاسم العراق مع حليفتها سورية، ولضمان نجاح ذلك فإنها تقدم «ترضية سياسية» لتركيا، بالطبع لتطمينها من الأكراد، وكذلك أن يصبح من حق السعوديين رعاية السنة في العراق، وبذلك يكون العراق قد قسم فعليا. وهذا العبث بعينه.

وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، كان من تصدى للمقترح الإيراني بوضوح عندما اكتفى بتوزيع كلمته المكتوبة على وفود مؤتمر دول جوار العراق، ليستفيد من الوقت المخصص لكلمته من أجل الرد وتسجيل الملاحظات على كلمة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي الذي قام بتوزيع قائمة بالمساعدات التي قدمتها طهران إلى العراق، وأعلن ان لدى بلاده قرابة أربعة مليون لاجئ عراقي ومن الممكن تجهيزهم وتسليحهم من أجل تشكيل نواة للقوات العراقية.

ردُّ الأمير سعود الفيصل كان واضحا، حيث تمنى أن يسعى الجميع إلى وحدة العراق، وهذه رغبة العراقيين أصلا، واستشهد الفيصل ببعض المساعدات الإيرانية للعراقيين التي كشفت ان إيران ضخت أمولا طائلة لمناطق الشيعة، حيث تمنى الأمير سعود الفيصل لو ان الإيرانيين تبرعوا للسنة وتبرع السنة للشيعة حفاظا على وحدة العراق، والكف عن التدخل في شؤونه الداخلية بدلا من الحديث عن اتفاقيات أمنية ثنائية.

فمطالبة طهران للأميركيين بالانسحاب حق يراد به باطل، وهو الاستيلاء على العراق، وبالتالي إطالة أمد الأزمة العراقية، وتقسيم العراق بمساعدة سورية، وكأن ما يحدث في لبنان اليوم، وما حدث في غزة، غير كاف حتى تضاف لنا مصائب أخرى.

والغريب ان السفير الأميركي رايان كروكر، الذي اكد على ما قاله الأمير سعود الفيصل حين اعلن رفضه لإشراف إيران على العراق، يبين أن واشنطن ترفض تقسيم العراق في الوقت الذي يعمل الإيرانيون على ذلك.

ايران وسورية تبحثان عن الغنائم في العراق، لا عن مصلحة البلاد، هذا ما تقوله تصرفاتهما واقتراحاتهما، إمعانا في نشر الفوضى في المنطقة، واللعب على الحس الطائفي المقيت، على عكس مواقف الدول الحريصة على وحدة العراق، وعدم اللعب على وتر الطائفية في المنطقة، وهو ما ظهر في رد فعل وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وتأييد الدول المعتدلة له.   

[email protected]