أنقرة وواشنطن: من أغضب هذا الجنرال؟

TT

ترك الجنرال التركي المتقاعد أديب بصير منصبه كمبعوث خاص لمكافحة الإرهاب في مايو 2007 بعد شعوره بالضيق من أميركا لأسباب مهنية، حيث أنه رأى أميركا تقوم «بشد يدي تركيا» تاركة إياها معرضة لإرهاب حزب العمال التركي. لكن مشاعر الضيق تحولت الآن إلى مستوى شخصي.

فابنه سوكرو البالغ من العمر السادسة والعشرين على وشك البدء بالخدمة العسكرية التي يبلغ أمدها 15 شهرا. ويريد سوكرو أن يلتحق بالقوات الخاصة في جنوب شرقي تركيا، للاشتراك في مقاتلة حزب العمال الكردستاني الخارج عن القانون، فيما يعرف الجنرال بصير المخاطر التي تواجه ابنه.

وأصبح بصير منتقدا علنيا لدور أميركا في محاربة حزب العمال الكردستاني. وعلى الرغم من أنه عمل بشكل جيد مع نظيره الأميركي الجنرال جوزيف رالستون، ولكنه ترك منصب المبعوث الخاص بشكل مفاجئ بعد انتقاده للدور الأميركي في مقابلة أجرتها صحيفة تركية معه، وكذلك أصبح عدد من زملاء بصير العسكريين الذين كانوا من المناصرين الأشداء لأميركا خلال فترة طويلة يعبرون عن سخطهم العلني من نشاطاتها الأخيرة.

ولكنه يتذكر شكوكه عندما ضحت أميركا بأمن تركيا خلال أزمة الصواريخ الكوبية عبر «المساومة» على صواريخ الردع التركية. ثم يقول أن أميركا كانت تستخدم تجارتها في مجال السلاح من أجل إبقاء تركيا تحت سيطرتها في قبرص، عندما هاجمت المنظمة القومية للمقاتلين القبارصة.

وأوصلت حرب العراق الثانية الأمور إلى مرحلة الأزمة. فعندما غزت أميركا العراق «تولوا المسؤولية عن الشمال أيضا». ولكن حزب العمال الكردستاني استجمع قواه من جديد. وباعتباره قائدا عسكريا سابقا لحدود تركيا الجنوبية كان بصير يريد رجالا على الأرض، يحرسون المرتفعات الوعرة. وعندما لم يكن بوسع أميركا أو القوات العراقية في الشمال السيطرة على المنطقة «كنا مستعدين للقيام بذلك». ويضيف «لكن اميركا طلبت منا أن نبتعد». ولهذا فان المشاعر تجاهها كانت تتصاعد «مع كل هجوم يقوم به حزب العمال الكردستاني».

وعندما طلب رئيس الوزراء التركي من بصير أن يقوم بمهمة مبعوث خاص لمكافحة الإرهاب، ويعمل مباشرة مع الجنرال رالستون لتنسيق العمليات ضد الـ«بي كي كي» رأى بصير الأمر كفرصة للتعاون يمكن أن تحقق نتائج فعلية. وقد وافق على ذلك على الرغم من النقد القاسي من جميع الأطراف. غير أنه يقول انه بعد تسعة أشهر لم يتحقق تقدم، ذلك أن «واشنطن قالت كل الأشياء الصحيحة لكنها لم تفعل شيئا. أميركا لا تهتم إلا بإرهابييها».

ولكنني أتساءل: لماذا تدعم أميركا نسبيا مجموعة صغيرة من المتمردين الأكراد مقابل دولة بأسرها؟

يقول انه لا يعرف ولكن لديه تكهناته. ويقول إن «أميركا قوة عظمى ذات خطط بعيدة المدى بخصوص العراق والشرق الوسط، وتتشوش أذهان الناس وذهني هنا في تركيا حول نوايا واشنطن».

ويضيف أن «رايس قالت مرة أن بعض هذه الحدود ستتغير في الشرق الأوسط. ما الذي كانت تعنيه بذلك؟ لدي الكثير من الأسئلة حول نوايا واشنطن، أن كل ما أستطيع قوله إن هذه ليست صداقة على أية حال».

* خدمة واشنطن بوست ـ

خاص بـ«الشرق الأوسط»