ومن الذي لا يقول: آه؟!

TT

.. وأنا أيضاً من (الأواهين)..

أي أقول: آه.. وأقولها كثيراً. ولكن أجد في النهاية أن كلمة آه مثل كلمة (ياريت) كما تقول أغنية فريد الأطرش: كلمة يا ريت عمرها ما كانت بتعمر بيت. صحيح. ولكن كيف لا أقول يا بطني.. يا قلبي.. يا دماغي. يا ضرسي.. آه على الذي راح من عمري ولم استفد شيئاً.. كيف لا أقول آه لو كنت فعلت كذا بدلا من كذا.. كيف لا أقول: لو كنت صبرت في الحب.. لو كنت مضيت في كذا.. لو كنت تنبهت في سن مبكرة..

ولكن (الأواهين) لهم نص آخر في القرآن الكريم. القرآن يقول: «إن إبراهيم لأواه حليم».. ويقول ايضاً: «إن إبراهيم لحليم أواه»..

وقد سئل الرسول عليه الصلاة والسلام عن معنى (أواه) فقال: إنه المتضرع الى الله.. وقيل الرحيم بعباد الله.. وقيل المؤمن. والأواهون إمامهم جميعاً هو أبونا إبراهيم عليه السلام..

كم ليلة سوداء باردة تحملناها بالتضرع الى الله: يا رب..

كم مصيبة حلت بعزيز علينا فلم نجد حلا لها إلا بأن نقول: يا رب..

كم مريض وقفنا إلى جواره ونظرنا إلى العقاقير والأطباء داخلون خارجون ودرجات الحرارة طالعة ونازلة ودقات قلبه مسرعة ومتراخية ونظرنا الى فوق نقول: يا رب..

كم مرة اهتزت الطائرة تكاد تتحطم في السماء؟ كم مرة تكاد تبتلعها العواصف ونظرنا من نافذة الطائرة فنرى برقاً كأنه كرابيج من نار أو سيوف في أيدي الشياطين تريد أن تقصف أعمارنا فقلنا يا رب..

كم مرة اتجهنا الى الله ولم نجد أجمل مما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام خارجاً من الطائف والكفار يدقون قدميه حتى سالت الدماء فاتجه الى ربه يقول: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس.. وهواني على الناس»..

ولا بد أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «آه ألف آه.. فقد كان (أواهاً) حليماً!».