من يجرؤ على تحدي مشرف؟

TT

الرئيس الباكستاني برويز مشرف، هو من اطلق رصاصة المعركة الأخيرة، معركة متعددة الأطراف، ومرهقة، وربما خاسرة.

وصارت باكستان الحدث الأول في العالم نظرا لأهمية البلد، وخطورة مضاعفات الحدث.

والسؤال هل تستطيع أي دولة محاسبة الحكم الحالي، حتى لو كانت على خلاف حاد مع تصرفات مشرف؟

الإجابة قطعا لا. فباكستان أهم دولة في لعبة التوازن السياسية، ولو انها ضعفت، أو دخلت في فوضى، أو فراغ في الحكم، سيكون ذلك بمثابة انتصار لإيران.. انتصار نهائي لا شك فيه. سيكون الهم الدولي انقاذ باكستان لا إيقاف إيران. وكذلك هناك قلق مماثل حيال انتصار تنظيم القاعدة، الذي يقال انه موجود في اطراف باكستان، وقادر في ظل الفوضى على أن ينمو بسرعة في حضانة القبائل الحدودية.

لذا لا تستطيع أي حكومة معنية، بما فيها الحكومة الأميركية، ان تخاطر بإغضاب من يحكم باكستان مهما كان، ومهما كانت ممارساته.

يبرر البعض لمشرف لجوءه لحالة الطوارئ انه توصل الى قناعة بأن الفوضى حتمية مع الانتخابات المقبلة، وحتى بعدها.

يعتقدون انه لو فاز ستتهمه المعارضة بتزوير النتائج، وستملأ الشوارع حتى المواجهة. وان خسر الانتخابات، والرئاسة بطبيعة الحال، ستسعى لمنعه من العودة الى قيادة الجيش. وسيعتبر المتطرفون هزيمته انتصارا على كل تيارات الاعتدال. وبالتالي، وهذا رأي حلفاء مشرف، لم يجد من خيار سوى ان يتغدى بالمتطرفين قبل ان يتعشوا بالنظام، وليكن ما يكن. وهو أمر حرص مشرف على توضيحه للجميع.

ومع أن «انقلاب» مشرف الجديد اوقف مؤقتا صعود الأصوليين وبقية المتطرفين، الا ان الحكومة الاميركية شجبته كتسجيل موقف ضمن مواقفها التقليدية. ومن المستبعد أن تحاصر، أو تعادي، واشنطن نظام مشرف بإيقاف مساعداتها له أو الحد من مستوى التعاون معه. وهنا واجب كل اصدقاء باكستان، ليس اضعاف نظام مشرف بمقاطعته، بل دعمه بطريقة تجبره على الإصلاح السياسي، لا المواجهة والانجراف نحو الفوضى. الجميع يتطلعون إلى رؤية باكستان مستقرة ومزدهرة، مثل جارتها الهند، لكن لا يمكن أن يدوم استقرار إلا في ظل نظام سياسي واضح المعالم يحترم قواعد تداول السلطة. وهنا معضلة اللحظة: كيف يمكن دعم مشرف؟ فهو في الحكم يثير زوابع داخلية تغذي الفوضى. ولو أخرج من الحكم لثارت زوابع ربما أكبر.

كان المنتظر أن يقود الجنرال العملية السياسية الاصلاحية بطريقة سلمية، الا ان هذا الأمل سقط عندما أعلن مشرف حالة الطوارئ العامة. ولا يزال المأمول في بلد ضخم ومتعدد التوجهات ان تقرر الرئاسة عبر الاقتراع، ومنها ينطلق مستقبل جديد في حكم باكستان، يضع البلاد على قضبان الاستمرارية.

أيضا، نحن امام معضلة مشرف، فالبلد في حاجة إليه وفي ورطة بسببه. وصارت باكستان بين مطرقة الوضع السياسي الداخلي الممزق، وسندان المحيط الخارجي من قاعدة وإيران.

[email protected]