انتخابات بولندا: هل من صدمة لأميركا؟

TT

بعد فوز حزب «المنبر المدني» الليبرالي (يمين الوسط) بأغلبية ساحقة، في بولندا وبالتالي تسلمه السلطة من التوأمين المحافظين كاتشينسكي، بعد أن حل حزبهما (الحق والعدالة) في المرتبة الثانية. ومن المعروف ان التوأمين المحافظين كاتشينسكي قد لعبا دور المشاغب في وجه الاتحاد الأوروبي والولاء العميق للولايات المتحدة الاميركية، وظهر ذلك في اكثر من مؤشر سواء في تأييد الغزو الاميركي للعراق، بل وارسال قوات بولندية الى هناك نحو 900 جندي لا يزالون موجودين حتى الآن. وسواء في الموافقة على استضافة نظام دفاعي صاروخي على الأراضي البولندية. وظهرت التحليلات كأنها انتصار اوروبي على الولايات المتحدة الأميركية. مما يستدعي تحليل تأثير ذلك التطور في العلاقات الاميركية الأوروبية.

سيما بعد وصول الحزب المسيحي الديمقراطي المحافظ الى الحكم في المانيا وتولي ميركل منصب المستشارية هناك، حيث لم تخف فيما يتعلق بالعلاقات عبر الأطلسي رغبتها في التركيز على «العلاقة الخاصة» مع الولايات المتحدة الأميركية وتنشيط آليات التعاون مع الحليف الأطلسي الأكبر.

وساركوزى فرنسا المحافظ، اثبت انه اميركي الهوى. ومواقفه واضحة.

وبريطانيا حتى بعد رحيل توني بلير ذات توجه استراتيجي مع الولايات المتحدة.

ومن ثم من الخطأ التعويل على نتائج الانتخابات البولندية وكأنها انقلاب على الولايات المتحدة الاميركية. صحيح ان GroBansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: العلاقات الأوروبية ـ الأميركية ليست علاقات نمطية ولا أحادية. فهذه العلاقات تختلف من قضية لأخرى، ومن مستوى للتحليل إلى مستوى آخر. فعلى مستوى القضايا، فإن العلاقات الأوروبية ـ الأميركية تتكامل فيما يتعلق بقضايا معينة، وتتصادم بالنسبة لقضايا أخرى. كذلك، فهذه العلاقات تختلف اعتماداً على المستوى السياسي ـ الاستراتيجي، والاقتصادي الذي نتعامل معه. ولكن هناك توافق بين المفاهيم الأوروبية والأميركية فيما يتعلق بالمسائل السياسية ـ الأمنية، والثقافية، فإن هناك قدراً كبيراً من الشقاق بين الطرفين حول المسائل الاقتصادية. فعلى المستوى السياسي ـ الأمني، هناك توافق أوروبي ـ أميركي حول منع ظهور أي قوة غير غربية يمكن أن تتحدى الهيمنة الغربية في النظام العالمي، أو ظهور أي منافس محتمل من عالم الجنوب. ورغم ذلك، تختلف أوروبا مع الولايات المتحدة حول الاستراتيجيات الواجب اتباعها لتحقيق هذا الهدف، فبينما يرى الأوروبيون ضرورة اتباع استراتيجية الاحتواء غير المباشر للقوى المنافسة المحتملة، وهى استراتيجية يطلق عليها أحياناً استراتيجية «القوة اللينة»، يؤمن الأميركيون باستراتيجية المواجهة العسكرية، أو ما يسمى أحياناً استراتيجية «القوة الصلبة. ويمكن القول بصدق مقولة بعض المحلليين إن هناك ثلاثة أبعاد للدور الأوروبي في علاقته بالدور الأميركي. وهذه الأدوار هي تسهيل الدور الأميركي، وامتصاص الصدمات الناشئة عن الدور الأميركي، ودعم الدور الأميركي صراحة في الأزمات الحرجة. وتأمل الموقف الاوروبي من قضايا الشرق الأوسط والدرع الصاروخي الاميركي والنظر لقضية أمن الطاقة والملف النووى الايراني لتدرك صدق هذه المقولة.

* كاتب وباحث مصري