من له الفضل في انخفاض العنف؟

TT

وأنا أعد لكتابة هذا المقال قرأت التقرير الأمني في العراق لليوم نفسه. ففي الموصل انفجرت سيارة مفخخة واقفة فقتل ثلاثة من المارة. في تكريت انفجر لغم جانبي فقتل ضابط وشرطي عراقيان، وهما يحاولان بشجاعة تفكيكه بعد العثور عليه في حي مدني. وفي بغداد عثر على اربع جثث في احياء متفرقة، كما ان القوات الاميركية قالت انها قتلت اثنين شوهدا يزرعان عبوات ناسفة. وفي الموصل ذكرت الشرطة انها وجدت خمس جثث في اماكن مختلفة.

فهل يجوز ان نقول ان العراقيين ينعمون بالأمن، كما يردد بكثرة هذه الايام؟

المسألة نسبية، فقد كان الرقم اليومي قبل شهرين ما يربو على مائة قتيل، وضعف هذا الرقم قبل خمسة أشهر، حيث كانت السيارات الانتحارية تحصد المئات كل يوم. وبالتالي نشهد انخفاضا كبيرا في حجم العنف، دون ان يعني ذلك ان هناك يوما واحدا مر بلا ضحايا.

في المقابل سجل احد الصحافيين ملاحظاته في يوم «عادي» في بغداد، كتب يقول انه زار صالون تانيا للتجميل في حي المنصور وشاهد ثماني عرائس يتم تجهيزهن للزفاف، وهو نفس المكان الذي بقي مهجورا من الزبائن لفترة طويلة. كما ان اهالي العاصمة صاروا يتنزهون على مقاهي النهر، يأكلون المسقوف، ويتسوقون في اسواق كانت مغلقة سابقا، وصارت تسمع اهازيج الحفلات والأعياد والزواج.

لكن يجب الا تخدعنا المظاهر الطارئة، فلا احد يجرؤ على قول ان العراق يودع القتل والتهجير والخوف، فالجميع يراقبون بأمل وخوف معا. وحتى نثق انه سلام حقيقي، لا هدنة مؤقتة، لا بد ان نسأل لماذا وكيف استتب الأمن الجزئي؟

هل هو الجنرال باتريوس، القائد الاميركي، الذي تعهد قبل ثمانية أشهر بأنه سيفرض الأمن؟ هل هي الجماعات الارهابية قد استهلكت قدراتها ورجالها؟ هل هم المعارضون المسلحون قد تخلوا عن العنف، وقبلوا بالانخراط في العملية السياسية؟ هل هي صحوة عشائر الانبار السنية التي قادت انجح هجوم ضد القاعدة، وشجعت الغير على الانتفاضة ضد الارهاب، مما اثار اعجاب الجميع بمن فيهم الحكومة الاميركية؟ ام انها الجهود الحكومية العراقية التي سعت لمد يدها للمعارضة من اجل الحاقها بالعمل السياسي بدل المعارضة المسلحة؟ ام انه سلم نتيجة صفقات سياسية مع سورية وإيران؟ فقد بات واضحا ان دمشق بدلت سلوكها لصالح العراق، ومنعت المعارضة المسلحة على اراضيها، وقامت بضبط حدودها. وإيران خففت من نشاطها المعادي، حيث كانت الممول الاكبر للالغام والقذائف في العراق. أو ان السبب استهداف الاميركيين الجماعات المحسوبة على ايران، مثل جيش المهدي، وأحيانا مطاردة مباشرة لعملاء ايرانيين بمن فيهم دبلوماسيون.

ان كان الهدوء الحالي مرده ردع الارهابيين واستمالة المعارضين المسلحين فان الأمل كبير في ان يخرج العراقيون من كابوسهم. اما إن كان الهدوء نتيجة اتفاقات سياسية فعلينا ان ندعو ان تستمر، لأن النار قد تشتعل لو انتهت صلاحية الاتفاقيات.

[email protected]