مين يداويني ؟!

TT

بينما كنت أقود سيارتي إلى جهة غير (مشبوهة)، وكانت حالتي الصحية والعقلية والنفسية وكذلك الأخلاقية في أعلى مستوياتها اللياقية ـ أو هكذا أزعم أو على ما يبدو لي ذلك ـ كنت أتفطر شوقاً إلى ما أنا ذاهب إليه، وإذا (بمطب) غير متوقع رفع السيارة إلى أعلى ثم هبد بها إلى أسفل وطار العقال من رأسي الخاوي، وارتكزت النظارة على أرنبة أنفي، وتشبثت أنا (بالدركسون) مثلما يتشبث الطفل بثوب أمه.

غير أنني سرعان ما تمالكت نفسي وأعصابي، ولم أحاول أن أقل أدبي، أو أوجه أي شتائم من العيار الثقيل لكل من سفلت الشوارع ورصفها.

تهادت السيارة في طريقها مثلما يتهادى المصاب بمرض المشي وهو نائم، ولكي أرفه على نفسي الغالية بعد تلك (الفجعة)، ضغطت على مفتاح الراديو فانهمرت الموسيقى لتنتشلني من وهدتي التي أوقعني فيها ذلك المطب القاسي، وأتاني صوت (نجوى كرم) قائلة: كيف بداويك وأنا مين يداويني / لا الطب العربي تعلمته ولا الطب الصيني.

فقلت بيني وبين نفسي: يا فتاح يا عليم، خرجنا من مطب الإسفلت، ووقعنا في مطب القلب؟!، وإذا كان أول النهار كله مطبات وأمراض، فكيف تكون نهايته يا ترى؟!، المطربة العاشقة المسكينة، أصبح حالها كحال المدعو (عبد المعين)، عندما استنجد به صاحبه، ووجده بالحضيض (لا بيهش ولا بينش)، عندها أطلق كلمته الخالدة التي ذهبت مثلاً: جيتك يا عبد المعين تعين لقيتك يا عبد المعين تتعان.

عموماً الأشعار والأغاني العربية مشهورة بالأمراض والاستنجاد بالأطباء، ابتداءً من:

يقولون ليلى بالعراق مريضة

ويا ليتني كنت الطبيب المداويا

ومروراً بـ (طبيب جراح) لجورج وسوّف، الذي عندما أشاهده وهو يغنّي لا أدري هل هو يضحك أم يبكي، أم العكس هو الصحيح؟!

وانتهاء وليس النهاية بالمرحوم (فهد بلاّن)، عندما مد يده المفتولة العضلات مثل يدي مصارع، ثم جعر بصوته الضخم قائلاً: (جس الطبيب ليا نبضي)، ولو كنت أنا الطبيب الموجهة له تلك الصرخة، فيمين بالله لتركت له جهاز الضغط وأطلقت ساقي للريح، بل ومن المحتمل أن اعتزل مهنة الطب من أساسها.

والحمد لله إنني لست بطبيب لأن قدراتي لا تستطيع ذلك، ولست أيضاً حتى الآن على الأقل، لست مريضاً محترفاً، وإذا قدر لي أن أمرض (فالله يشفيني)، ولن أشكو لأحد، وسوف أعالج نفسي بنفسي باستنشاق (الصعوط)، ومن لا يعرف الصعوط فعليه أن يسأل أي بدوي منقرض، أو على وشك الانقراض.

[email protected]