المجد للامبراطور و... للإمام

TT

بدأ أغسطس، أول امبراطور روماني، حياته مشاغباً وفظاً وانتهى رجل قانون وفكر وتأمل. وكان الى جانب ذلك كله رجل دعابة وظرف. ولدى عودته مظفرا من حملته العسكرية الأولى وصل الى مدخل روما فلاقاه رجل على كتفه ببغاء. وراح الببغاء يهتف «المجد لأغسطس». فسرَّ الامبراطور وأمر للرجل بعشرين ألف قرش. ويبدو أنه كان للرجل شريك في ملكية الطائر وتدريبه. فذهب الى الامبراطور وقال له جرِّب أن تسمع ماذا يقول الببغاء مرة أخرى. وبإشارة منه راح الببغاء يهتف «المجد لأنطوني»، منافس أغسطس وغريمه. وضحك الامبراطور طويلاً ولم يعاقب صاحب الببغاء الأول بل أمره بأن يدفع نصف المبلغ لشريكه.

كانت شركة «فرج الله للمطبوعات» ذات مرحلة أكبر شركات التوزيع في العالم العربي، وحتى في إيران، حيث قتل أحد أصحابها في حادث سرقة. وكان للشركة ممثلون في جميع عواصم العالم العربي، وبينها بغداد. وقد استعد مدير المكتب في بغداد استعداداً كاملاً للطوارئ، فحفر في جدار مكتبه حفرة في حجم صورة الرئيس. وفي هذه الحفرة وضع خلف صورة الرئيس الحالي صور الرؤساء المقبلين أو المحتملين: عارف وعارف والبكر. ووضع أيضاً صورة عبد الكريم قاسم بعد اغتياله. وقال له أحدهم: «الرجل مات وقتل بالرصاص، فلماذا تحشر صورته بين صور الاحتياط». ورد المدير، وكان اسمه سبيرو: «ما حدا بيعرف. لا تنسَ أنك في بغداد».

وكان النقيب زهير عسيران، كبير مراسلي صحيفة «المصري»، أهم صحف مصر في حينه. وحدث انقلاب في اليمن أيام الإمام حميد الدين، فوضعت «المصري» تحت تصرفه طائرة خاصة وقالت له اذهب وعد لنا بالصور والأخبار. وفيما كانت «الداكوتا» تحلق بين مطبات الصحراء وسحب الرمال، كان يخطر لزهير عسيران سؤال واحد: هل نجح الانقلاب أم فشل؟ عمن أسأل عندما تهبط الطائرة؟ ماذا أقول للذين سيأتون لاستقبال طائرة في مدينة لا تشهد هبوط طائرة إلا مرة في الشهر وأحياناً في السنة؟

ولدى هبوط الطائرة على المدرج الرملي وترجله منها تقدم منه ضابط ومرافقوه وسألوه من يكون وماذا يريد، فقال إن الطائرة اضطرت للهبوط اضطرارياً ويريد مقابلة الحاكم. وسأله الضابط: ومن هو الحاكم الذي تريد مقابلته؟ فقال ببراءة: قل لي أولاً في أي أرض هبطنا أقل لك اسم حاكمها. وببلادة موصوفة قال الضابط: أنت في أرض سيدنا الإمام.

فما كان من زهير عسيران إلا أن هجم على الضابط وعانقه عناقاً شديداً حتى أسقط لفته عن رأسه، وهتف صائحاً.

سيدنا الإمام؟ إذن أنا في أرض اليمن. يا له من حظ. ليس فقط أننا هبطنا بسلام بل هبطنا أيضاً في حمى الإمام.

وعاد زهير عسيران الى «المصري» ومعه أحد أشهر السباقات الصحفية التي اشتهر بها.