كيف تصرف المساعدات؟

TT

السؤال ليس حول مبدأ تقديم العون للمجتمعات المنكوبة، خاصة عندما يكون هناك فائض مالي في عوائد البلاد، بل على ماذا وكيف ستنفق المساعدات؟

هذا السؤال عطفا على الدعم السخي الذي قدمته السعودية بمائة مليون دولار لبنغلاديش بعد نكبة الاعصار، مقارنة بما قدمته دول غنية جدا من معونات مخجلة. اليابان اعلنت انها تكرمت بأقل من نصف مليون دولار، والمجموعة الأوروبية تعهدت بأقل من سبعة ملايين يورو!

ومن شاهد فظاعة مأساة دمار اعصار سيدر على الانسان في بنغلاديش لا يمكن الا ان يتعاطف مع الأهالي. معظمهم من الفقراء، وقد حرموا من مصدر رزقهم من مزارع او ابقار، وهم يواجهون الامراض ويعيشون في العراء.

لهذا يصبح طرح السؤال ضروريا حول الكيفية التي تصرف بها المعونات؟ ونتمنى ان يطلع على الاجابة الرأي العام، حتى يشعر بأنه قدم شيئا مفيدا، وفي الوقت المناسب، وللأشخاص المحتاجين. فالكثير من المعونات تصل متأخرة لأسباب لوجستية او ادارية، وأحيانا لا تصل أبدا. وفي بعض الحالات تذهب مساعداتنا الى جيوب من لا يستحقها.

أقول هذا وأنا اسمع، غير مصدق، عما حل ببعض المساعدات المالية السعودية الكبيرة التي منحت الى لبنان بعد الدمار الهائل الذي خلفته الحرب مع اسرائيل. فقد سمعت ان مئات الملايين من الدولارات التي خصصت للمتضررين اللبنانيين، خاصة في المناطق الشيعية، أخذها منهم حزب الله. فهل يعقل ان يقدم بلد مساعدة الى مواطن ثم تأتي وتستولي عليها مؤسسة او حكومة لم تمنح لها أصلا؟

إن كان صحيحا فهو أمر معيب جدا، مهما كانت المبررات، لأنها قدمت كمساعدة انسانية وليست منحة استثمارية. وهذا يعيدنا الى نقطة البداية، كيف يمكن تقديم مساعدة الى محتاج؟ سؤال حير منظمات الاغاثة الدولية ولا يزال، بسبب العجز عن الاستفادة القصوى من كل دولار يمنح، وغالبا لاسباب تافهة، مثل الحصر، والتخزين، والنقل، واستكمال البيانات، والمعاملات البنكية. فالناس، والحكومات نيابة عن مواطنيها، تسارع بتقديم العون في لحظة تعاطف صادقة لكنها تصل متأخرة، وناقصة، وقد لا تصل أبدا. هل توجد هناك جهات رقابية تعرف اين ذهبت المساعدات، بما فيها العينية، ولو كانت ملابس بالية؟ هل يمكن نشر معلومات تفصيلية حول كيفية انفاق المعونة تدلنا دائما على المستفيدين؟

ان واجبنا الاخير تجاه المستحقين من المنكوبين والفقراء مضاعفة الرقابة على ما يمنح من مساعدات، واخذ موقف علني ضد أي مخالفات، من قبل الهيئات الممنوحة. وهذا ينطبق أيضا على مساعدات الداخل، فالشفافية لا تتعارض مع الشهامة، وهي حق لكل مواطن تمنح المعونة باسمه، ومن حق الفقير ان يعرف لماذا لم تصله المساعدة الموعودة.

[email protected]