أرباح السلام في الشرق الأوسط

TT

بوصفي مناصرا دؤوبا لجهود إنهاء النزاع المستمر في الشرق الأوسط، منذ ستين عاما، فإن لدي إحساسا عميقا من التفاؤل بشأن التحضير النهائي للاجتماع الدولي، المزمع عقده في أنابوليس بالولايات المتحدة. لقد عدت من رحلتي الأسبوع الماضي من منطقة الشرق الأوسط، وأنا على يقين بأنه على الرغم من صعوبة الأمر، فإنه من الممكن بدء عملية السلام مرة أخرى. ويجب على الجميع بذل قصارى جهدهم لإنجاح هذا الاجتماع.

إنه بعد أعوام من النكسات والركود والألم، ستكون هناك ديناميكية جديدة في التحرك. لقد دار حوار سياسي جاد بين الرئيس الفلسطيني عباس محمود ورئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت، حيث أوضحا عزمهما على بدء التفاوض بشأن القضايا الجوهرية للنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وقد توصلا إلى حل إقامة دولتين، وهو ما كان الغرض من محادثاتهما. علاوة على ذلك، أظهرت واشنطن التزامها بدعم تلك المفاوضات الثنائية دعما كاملا، وعليه ستقوم بعقد اجتماع دولي في أنابوليس بغرض بدء عملية جديدة لإقامة دولة فلسطينية. ولا تحظى تلك المبادرة بتأييد اللجنة الرباعية الدولية والإتحاد الأوروبي، بوصفه عضوا في الرباعية فحسب، بل أيضا تحظى بتأييد جامعة الدول العربية.إنه يلزم علينا اقتناص تلك الفرصة وعلى كافة الأطراف حشد قواهم للعمل بشكل بناء على إنجاح هذا الاجتماع. إن النزاع العربي ـ الإسرائيلي هو من أقدم النزاعات في المنطقة، وإنني أرى أنه أخطرها وأهمها ويعد قلب مشكلاتها. ولا نستطيع أن نخفق الآن وإلا فسيكون الثمن غاليا وثمن الإخفاق لن يكون في العودة للوضع الراهن مرة أخرى، وإنما سيعني القهقرى للخلف، وهذا سيؤدي إلى تفاقم التعصب والإرهاب والتطرف، مما سيعرضنا جميعنا للخطر. ولدينا مخططات تمهيدية لتسوية دائمة، ونجد أن النقاط المرجعية لتسوية دائمة وعادلة جلية: وهي يجب أن تستند الى أساس الأرض مقابل السلام، وإلى القرارات ذات الصلة بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية، وخريطة الطريق، والاتفاقات السابقة التي توصل لها الأطراف. وما نود أن نراه الآن هو انتهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية. ينبغي أن يكون اجتماع أنابوليس الدولي نقطة انطلاق للمفاوضات الثنائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حول قضايا الأوضاع النهائية، كخطوة أولى نحو الوصول لاتفاق سلام شامل لإنهاء هذا النزاع. وتأتي مرحلة «ما بعد اجتماع أنابوليس» في نفس درجة أهمية الاجتماع نفسه، حيث سيكون من الضروري إرساء عملية متابعة قوية باشتراك المجتمع الدولي تحت رعاية الرباعية الدولية. وعلى إسرائيل والفلسطينيين إظهار التزامهم لحل إقامة دولتين، من خلال اتخاذ التدابير العاجلة اللازمة لتمهيد الطريق لإنهاء هذا النزاع. على إسرائيل أن تجمد سياسة الاستيطان للأراضي المحتلة. وعلى الفلسطينيين أن يظهروا عزمهم وقدرتهم على تولي مسؤولية إقامة دولة فلسطينية، بما في ذلك الحق الشرعي لاستخدام القوة.

والاتحاد الأوروبي على استعداد للاضطلاع بتلك المسؤولية لدعم العملية السياسية الموثوق بها، وهو مشترك بالفعل كعضو مؤثر في الرباعية الدولية وكشريك إستراتيجي للأطراف المعنية وللمنطقة ككل. ويتولى الأطراف، وهي الدول العربية والرباعية الدولية والمجتمع الدولي ككل، مسؤولية هذا النجاح. وللاتحاد الأوروبي نصيب أكبر في تلك المسؤولية وهو يعد لدعم العملية السياسية عن طريق زيادة إسهامه الفعلي الكبير في عملية بناء القدرات الفلسطينية والتنمية الاقتصادية. كذلك، سيلعب الاتحاد الأوروبي دورا مهما في مساعدة السلطة الفلسطينية على مهمة موازنة مواردها المالية وسيواصل تشجيع أنشطة القطاع الخاص وكذلك الإدارة المالية العامة، بالإضافة إلى أنه سيكون لاعبا أساسيا في عملية تقديم الدعم العملي لأجندة الإصلاح الطموحة لرئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض من خلال العمل بشكل وثيق مع توني بلير ممثل الرباعية الدولية. ويقوم الاتحاد الأوروبي بتشجيع كافة اللاعبين في مشاركة العبء والقيام بأدوارهم بشكل فعال. وسيكون مؤتمر المانحين الدولي الذي سيعقد في باريس في ديسمبر القادم في غاية الأهمية.

ومع زيادة التطلعات لحل النزاع، يقف الاتحاد الأوروبي على أهبة الاستعداد لمساعدة كافة الأطراف في المنطقة على التشارك في أرباح السلام، ويستمر في العمل مع إسرائيل لتحسين العلاقات الثنائية بشكل ملحوظ مع بذل قصارى جهده للارتقاء بالتعاون الإقليمي الذي يهدف إلى عملية إعادة التأهيل، في ما بعد فض النزاع، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والأمن الإقليمي. وتتوافر لدينا مكونات دفع عجلة السلام للأمام وتتمثل في: إرساء عملية سياسية واقتصادية وحقائق جديدة على الساحة. وإنني آمل وكلي ثقة من أنه لن يطول الوقت قبل أن أرى أرباح عملية السلام الناجحة في زياراتي القادمة للمنطقة.

* ممثل الاتحاد الأوروبي الأعلى للسياسة الأمنية

والخارجية المشتركة