الله يسامح الممرضات

TT

هناك زوجان من جمهورية التشيك رزقا بطفلة، ولاحظا أن شعرها لونه أشقر فاتح في حين أن شعرهما أسود، وداخل الشك قلب الزوج، فيما كانت الأم تتقلب في فراشها طوال الليالي وتستغرب من هذه الحالة، وقرر الاثنان حسماً لأية مشكلة أن يجريا على الطفلة اختبار الحمض النووي (دي. إن. إيه)، وكان عمرها في ذلك الوقت عشرة أشهر.

وكانت النتيجة أن الحمض النووي لا يتطابق مع الزوجين بتاتاً، مما أثار حالة ارتباك في المستشفى، وأخذت السلطات تحقق في الموضوع، وراجعوا المواليد في ذلك اليوم، واكتشفوا أن ابنتهما الحقيقية مع أم أخرى غير أمها.. وجرى تبادل الطفلتين مع بكائهما الذي يقطع الأكباد، فكل طفلة منهما تتشبث ولا تريد أن تترك أمها (غير الحقيقية) والتي حضنتها طيلة تلك الشهور.

عندما قرأت هذا الخبر، تذكرت أيضاً قصة مشابهة، ولكنها أكثر مأساوية، وهي حصلت في منطقة (بيشة) في السعودية قبل أكثر من خمسة عشر عاماً، حيث انه وضعت سيدة مولودتها في المستشفى العام ببيشة، وخرجت بها من المستشفى في ثاني يوم وذهبت بها إلى منزلها في قريتها البعيدة، ولاحظت السيدة أن المولودة سمراء اللون، غير أنها خمنت أن تعسر الولادة وضغط الدم قد أديا إلى احتقان وازرقاق لون الطفلة، غير أنه مع مرور الأشهر أخذ اللون يزداد سماراً... وأخذ العجب مع القلق ينتابان الزوجين، وكلاهما متدين ولديهما ثمانية من الأولاد والبنات، وكلهم متشابهون، غير أنهما (احتسبا) وسلما أمرهما لله، غير أن حياتهما كانت شقية طوال تسعة أعوام كاملة، ولم يبخلا على ابنتهما السمراء الداكنة بشيء، غير أن البنت المسكينة أصبحت انطوائية لأنها أحست لا شعوريا أنها تحلق مع سرب غير سربها. وفي أحد الأيام وبينما كان الأب حاضراً أحد المجالس، ورد من أحد الحاضرين ذكر لرجل أسمر اللون له بنت جميلة بيضاء، لم يعر الأب في البداية هذا الحديث، ولكن بعد برهة لمعت في رأسه فكرة، وكأن هناك من أيقظه من النوم، وأخذ يستعيد من الرجل ما قاله، وأكد له ذلك وأعطاه الاسم والعنوان، وكان يسكن في قرية لا تبعد عن قريته بأكثر من ثلاثين كيلومترا، فذهب إليه وطرق بابه واستعلمه عن الخبر، وكانت المفاجأة عندما عرف أن زوجته ولدت طفلتها في نفس المستشفى ونفس اليوم.

إذ أن ذلك الرجل الأسمر كان أيضاً يعيش طوال تلك المدة (بمصيبة)، بل أن زوجته من كثرة الأقاويل والشائعات عليها، ماتت بعد سنة من شدة القهر، وعندما أحضر الطفلة وإذا بها صورة طبق الأصل من إخوتها، فأخذ يحضنها ويبكي، والطفلة مستعجبة وخائفة. وانطلق الاثنان إلى قرية الأب ومعهما الطفلة، وعندما احضروا الطفلة الأخرى السمراء إلى والدها الأصلي وإذا به يراها نسخة من إخوانها، فأخذ بدوره يحضنها ويبكي، وفي هذه الأثناء كان الجميع يسمعون بكاء الأم من خلف الستار وهي تحمد الله وتشكره، إنها لا شك قصة حقيقية درامية.

رجعت كل بنت إلى أسرتها الأصلية، وأصبحتا هما وصلة شراكة بين الأسرتين حتى الآن. وبمراجعة المستشفى اتضح أن إحدى الممرضات الفلبينيات، كانت شبه مستهترة وأعطت كل أم طفلة الأخرى بالغلط، وعلموا أن تلك الممرضة قد غادرت المستشفى إلى بلدها نهائياً قبل أربعة أعوام. وكتب الأبوان إقراراً أنهما قد سامحا تلك الممرضة لوجه الله تعالى.

[email protected]