عندما تكاملتُ نقصاً!

TT

كنت في مدينة سيدني بأستراليا.. وقد أشرقت الشمس في أغسطس البارد جداً. وخرجت أتمشى وكانت كل المحلات مغلقة إلا المقاهي والمطاعم ـ وسمعت صوت مضارب التنس وهي تصفع الكرة بانتظام. فاتجهت ناحية الصوت.. وجلست في مكان المتفرجين.. ووجدت فتاة حلوة تلعب وحدها. لعلها في انتظار شريك لها. ومضت الدقائق ولكن أحداً لم يحضر. فنزلت واتجهت إليها وسألتها إن كان من الممكن أن ألعب معها. ووافقت. ولا أدعي أنني أجيد هذه اللعبة وإنما أصد وأرد بلغة الكرة. ولكنها (لعيبة) حريفة.. ولاحظت أنني مبتدئ فترفقت بي.. وكانت ترسل الكرة بحيث لا أجدني مضطراً للجري يمينا وشمالا، وجاء من كانت تنتظره وشكرتها. وخرجت إلى الشارع أبحث عن شيء أكتبه. ولم أجد.. واتجهت إلى المكتبات. أقرأ الفترينات. ثم قررت أن اذهب إلى حديقة الحيوان. ولم يلفت نظري إلا غراب أبيض. وكان العرب يرون أن الغراب الأبيض أحد المستحيلات. قال الشاعر البائس:

إذا شاب الغراب أتيت أهلي

وصار القار كاللبن الحليب

وصار البر مرتع كل حوت

وصار البحر مرتع كل ذيب

فالذي نراه مستحيلا ممكن في استراليا..

وفي الصباح كانت المفاجأة الفاجعة. فتحت صحيفة (التايمس) وفي صفحة الرياضة وجدت صورتي من أول الصفحة لآخرها. وقد كتب المحرر الرياضي: بهذا الشكل لا يصح أن يلعب أحد، فإمساك المضرب غلط.. والوقفة غلط واللعب بالبالطو غلط.. والوقوف مع ثني الركبتين غلط.. ولما رأيت الصورة ووجدتني قد انحنيت وانثنيت أحسست أن هذه هي لعبة (التحطيب). أي كل ما فعلت خطأ في خطأ. أو بعبارة واحدة: لقد تكاملت نقصاً!

أي أنني عبرة لمن يعتبر!