العلاقات السعودية ـ الروسية .. آفاق واعدة

TT

شكلت زيارة الامير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، الى موسكو خلال الفترة ما بين 21 الى 23 نوفمبر الجاري، صفحة جديدة وبالغة الاهمية في العلاقات السعودية الروسية، خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار كونه يشغل منصب ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام في المملكة العربية السعودية.

وتمضي العلاقات السعودية ـ الروسية، التي تم استئنافها بنشاط في عام 1991 بعد فترة توقف دامت اعواما طويلة، قدما الى الامام في تطورها وبسرعة ـ خاصة بعد زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز (حين كان وليا للعهد) الى موسكو في عام 2003 وزيارة الرئيس بوتين الى المملكة في عام 2007 . ومن المعروف جيدا ان روسيا كانت نيابة عن الاتحاد السوفيتي اول دولة اعترفت بالمملكة العربية السعودية وفي عام 1924 افتتحت القنصلية السوفيتية في جدة. وفي عام 1930 تم تحويلها الى سفارة. وفي عام 1932 قام الأمير فيصل (الملك لاحقا) بزيارة ناجحة الى موسكو وكانت لقاءاته مع القادة السوفيت آنذاك مثمرة جدا. وجدير بالذكر ان هذا حدث قبل اكتشاف النفط بكميات كبيرة في المملكة العربية السعودية ويومذاك توجهت السفن السوفيتية الى المملكة، وبضمنها سفن نقل الكيروسين والبنزين. لكن هذه العلاقات جمدت في اواخر الثلاثينيات. وفي الواقع لم توجد علاقات بين البلدين على مدى اكثر من 50 عاما. ويشهد القرن الحادي والعشرين تطورا ملحوظا للعلاقات بين الدولتين اللتين تحتلان مرتبة طليعية في العالم في مجال احتياطيات النفط.

وقال الامير سلطان في كلمته الجوابية لدى منحه شهادة الدكتوراه الفخرية في العلوم من جامعة العلاقات الدولية بموسكو، ان مواقف بلدينا بشأن العلاقات الدولية تتطابق لحد كبير.. ونحن شركاء في اقامة نوع جديد من العلاقات الدولية التي ترتكز على مبادئ الشرعية والعدالة ومراعاة مصالح جميع الدول بلا استثناء.

ومما له دلالته ان هذه الزيارة تمت عشية انعقاد مؤتمر السلام في الشرق الاوسط ، ومعلوم ان موسكو ايدت خطة الملك عبد الله بن عبد العزيز للسلام في الشرق الاوسط التي يطلق عليها الآن «المبادرة العربية للسلام».

ويتطور بوتائر متسارعة التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وتعمل بنشاط اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي. وفي عام 2007 نوقشت مسألة تأسيس شركة مشتركة في مجال الخدمات النفطية برأسمال قدره 500 مليون ريال، وكذلك تأسيس شركة لتصدير التكنولوجيا الروسية.

ويذكر ضمن المشاريع المقترحة اقامة مؤسسة مشتركة في المملكة العربية السعودية لإنتاج قطع الغيار لوسائل النقل بالسكك الحديدية، وكذلك اقامة معرض للسلع والخدمات الروسية. وأطلقت بواسطة الصواريخ الروسية الى مدار حول الارض سبعة اقمار صناعية سعودية وهناك اتفاق بمواصلة التعاون في هذا المجال.

وفي عام 2006 بلغ حجم الصادرات السعودية الى روسيا ما يعادل 400 مليون ريال، اما الصادرات الروسية الى المملكة فتجاوزت 4 مليارات ريال. ومن المتوقع ازدياد حجم التبادل التجاري في عام 2007 بنسبة 30 بالمائة. وسيساعد توقيع اتفاقية تفادي الازدواج الضريبي على الاستثمارات على تطوير العلاقات الاقتصادية. ومما له دلالته ان شركة نفط «لوكويل» الروسية تعمل بصورة مكثفة في مجال اكتشاف مكامن النفط والغاز ويبلغ حجم الاستثمارات في هذا المجال 4 مليارات ريال.

وبما انني كنت على مدى الاعوام الخمسة الاخيرة اتولى منصب ممثل روسيا لدى منظمة المؤتمر الاسلامي فبودي الاشارة بصورة خاصة الى دور المملكة في قبول روسيا الاتحادية في ثاني اكبر منظمة دولية بصفة مراقب.

ان المملكة العربية السعودية موطن الاسلام ويوجد فيها الحرمان الشريفان لذا فمن الطبيعي ان يكون صوت المملكة العربية السعودية مسموعا في الشؤون الاسلامية ذات الاهمية الكبرى. وبعد ان اصبحت روسيا في عام 2005 مراقبا في منظمة المؤتمر الاسلامي اعرب الرئيس بوتين في رسالة خاصة عن الشكر والامتنان الى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على دعمه في هذه القضية. وهذا يتسم بأهمية كبيرة بالنسبة الى مسلمي روسيا الذين يشكلون نسبة 10 بالمائة من سكان البلاد. ويتلقى مئات الطلاب الروس تعليمهم في مختلف المعاهد العليا في المملكة. كما ان العلاقات بين الهيئات الدينية توطدت اكثر. ولئن كان عدد الحجاج الروس يعد على الاصابع قبل 20 عاما مضت، فان من الممكن في هذا العام ان يؤدي فريضة الحج عدد من المسلمين الروس يقارب 20 ألف شخص. ان آفاق العلاقات السعودية ـ الروسية واعدة جدا.

* مدير مركز الشراكة بين الحضارات في معهد العلاقات الدولية بموسكو ، الممثل الشخصي السابق للرئيس الروسي لدى منظمة

المؤتمر الاسلامي

خاص بـ «الشرق الأوسط»