لبنان: قائد الجيش فخامة الرئيس

TT

طالما أن الجدل حول منصب الرئيس اللبناني بين جميع الفرقاء يرتكز على ضرورة انتخاب رئيس توافقي يحظى بقبول الجميع، ومع مرور المهل الدستورية لانتخاب رئيس بلا جدوى، فإنه ربما يكون من المصلحة الآن انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيسا للبلاد.

العماد ميشال سليمان، مسيحي، وطني، لا يمكن التشكيك في مواقفه من قبل الفرقاء اللبنانيين، حيث استطاع استعادة هيبة الجيش كحام للأمن، من خلال حفاظه على مسافة متساوية من جميع الفرقاء في لبنان.

كما نأى بالجيش عن الخوض في بازار السياسة، بحسب تعبيره، خصوصا أن لبنان دولةٌ السياسة فيها رذاذ بالهواء لا تملك إلا أن تستنشقه. مر الجيش اللبناني بأزمة حرب صيف 2006 بين حزب الله وإسرائيل، واستطاع الجيش أن يحفظ لنفسه صورة لم تهتز رغم المزايدات التي ارتكبها الرئيس اللبناني السابق إميل لحود من خلال تصريحات تملق فيها لحزب الله على حساب الجيش الوطني.

وبعدها مر الجيش بأزمة نهر البارد، والتي بدأت وانتهت من دون أن يكون هناك سبب مقنع إلا محاولة جر لبنان لأتون حرب أهلية الهدف منها استهداف البلاد وتركيبتها، ولم يصدر عن الجيش ما يؤلب الرأي العام، بل ظهر الجيش منضبطا، وحاميا للبنان وتركيبته.

واستمر الأمر حتى اليوم، مرورا بأزمة نزول المعارضة للشارع ومحاصرة حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة طوال الأشهر الماضية، إلا أن الجيش نجح في ضبط الأمن، والنفس، متجنبا الانزلاق إلى ملعب السياسة.

ويحسب للعماد سليمان ما أظهره من حزم حين قال قبل أيام مخاطبا ضباط الجيش «.. لا تعيروا آذاناً لما يحصل حول تطبيق الدستور وتفسيره من تجاذبات واجتهادات تكاد تقسم البلاد إلى أجزاء متناثرة. اصغوا إلى نداء الواجب ونداء الوطن. حافظوا على قسمكم وعلم بلادكم».

قبل أسابيع كان هناك حديث عن اختيار العماد سليمان رئيسا حيث ثار الصخب في لبنان بحجة أنه أمر مناف للدستور، والحقيقة أنه بالإمكان تعديل الدستور مرة أخرى، مثل ما صوت النواب اللبنانيون قبل ثلاثة أعوام من أجل تعديله للتمديد للرئيس السابق إميل لحود، وهو ما جلب البلاء للبنان. تعديل الدستور اليوم لن يكون إرضاء لسورية، بل للخروج من عنق الزجاجة، والوصول بلبنان إلى بر الأمان.

اختيار قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للبنان يفوت الفرصة على الراغبين في إطالة أمد الفراغ الرئاسي وهو أمر خطر على تركيبة لبنان، كما أن شخصية ومواقف قائد الجيش الوطنية، حتى الآن، وعسى أن لا تغيره السياسة كثيرا، يتفق عليها الجميع، وليس بوسع الفرقاء اللبنانيين المزايدة عليه. فهو رجل ليس متورطا بالمواقف السياسية اللبنانية، وليس ببعيد عن الموقف الوطني الحريص على وحدة لبنان.

[email protected]