على كل لون يا فريدمان!

TT

من عشرين سنة كنا ثلاثة في واشنطن نتحدث عن الحرب ووسائل الإعلام: الكاتب الأمريكي توماس فريدمان والكاتب الإسرائيلي زئيف شيف وأنا..

وطبيعي أن يلقى فريدمان حفاوة بالغة من الحاضرين وأن تبتسم له الوجوه وتتسع له الأحضان، فهو أمريكي وينظرون إليه على أنه (الولد الشقي) أو المشاكس المدلل..

أما زئيف شيف فهو كاتب رزين رصين مثل كاتبنا الكبير سمير عطا الله. وكانت الحفاوة به أقل. وأنا ولا أدري إن كان أحد قد رحب أو ابتسم.. ولعل أحداً قد فعل ولكني كنت مهموماً بما سوف أقول..

وقد أراحني الأستاذ طارق الحميد بما كتبه عن فريدمان وكيف أنه يتقلب ويتلون.. ويلتفت يمينا ويقول: لا.. وشمالا ويقول: لا.. ثم يعود يقول: نعم. وأعجبني ما قاله الأستاذ الحميد من أن فريدمان قد تنقل بين البلاد العربية ولكنه لم يتسع وقته لكي يعرف ويعايش. وقال إنه مثل الطيارين يهبطون في القارات الخمس ولا يعرفون. ولو عدنا إلى ما كتبه فريدمان في موضوع واحد على فترات متباعدة لوجدناه مرة يغير جلده ومرة يغير لونه ومرة يرتدي ملابس الرهبان ومرة ملابس الألعبان.. ويسمون هذا التلوين في أمريكا: أنه يتلألأ! وهذا هو الفرق بين الكواكب وبين النجم. فالكوكب كالقمر له لون واحد.. والنجم مثل الشمس يتلون ويتألق..

فإن أحسنت الظن فهو شمس، وإن أسأت فهو قمر.

وتوماس فريدمان يعرف أنه (عفريت) العلبة.. وأنه يقول ما يعجبه فلا يحاسبه أحد!

وقديماً قالت الحكمة اللاتينية: إن الحجر المتحرك لا ينبت عليه العشب.

والمهم عند توماس فريدمان أن يتحرك وليس مهماً أن يظهر عشب ـ فله معجبون في جميع الأحوال!