أمير ومؤتمر

TT

الأمير سعود الفيصل معروف بتعليقاته اللاذعة والساخرة، فأمير الدبلوماسية السعودية المخضرم له أكثر من تعليق حفر في الذاكرة، وأصبح يستشهد به في عالم السخرية السياسية، ولعل أشهرها ذلك التصريح اللامعقول الذي صرح به الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش، حين وصف رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق شارون المعروف بجرائمه ومجازره وعشقه لإراقة الدماء، وصفه بأنه «رجل سلام»، فما كان من الوزير السعودي حين سئل عن رأيه في ذلك سوى القول «إن شارون نفسه لا يصدق ذلك» .

ويتذكر الصحفيون جيدا تعليقات الأمير سعود الفيصل في الكثير من المؤتمرات الصحفية التي كان يثير من خلالها الضحك كاسراً بذلك الوجوم والجدية التي تحيط بهكذا نوعية من المناسبات، واليوم يحمل الأمير سعود الفيصل «الهم» الدبلوماسي العربي الى مؤتمر أنابوليس للسلام، وهو يحمل هذا الهم بحكم البلد الذي يمثله، والذي قدم مشروع المبادرة العربية للسلام بشكل أساسي وروج لها حتى بات القبول العربي لها بالإجماع المطلق.

ومن الممكن قراءة «الكثير» في تصريحات الوزير السعودي وبالتالي معرفة الى حد كبير جدا مسار المفاوضات واتجاهاتها. فهو احتوى المخاوف التي كانت موجودة لدى سورية في ما يخص تطرق المفاوضات لقضية الجولان المحتل، وذلك بتوضيحه أن المؤتمر مطالب بتناول المحور الاسرائيلي السوري، حيث أن الجولان وتفاصيلها هي المسألة الوحيدة العالقة بينهما، ونجح الأمير سعود الفيصل في الحصول على سقف زمني مسبق بشكل لافت حينما حصل على وعد من واشنطن بأن الاتفاقات لن تتخطى العام، وأن التسوية والاتفاق لن يتخطى فترة الاثني عشر شهرا.

تصريح الوزير السعودي بأن هذه المناسبة ليست هي للصور التذكارية ولا المصافحات الجماهيرية، ولن يمنح العرب التطبيع لإسرائيل بدون مقابل، بل إن الأمير السعودي وضح أكثر بقوله انه لا زيارة للقدس إلا وهي محررة من الاحتلال الاسرائيلي. وهو يذكر الناس بتصريح والده الراحل الملك فيصل الذي قال إن أمنيته هي الصلاة في المسجد الأقصى.

مؤتمر السلام في أنابوليس يذهب إليه العرب بموقف موحد بصورة عامة، فهم يواجهون وسيطا أمريكيا غارقا في الهزيمة والأداء السياسي الخارجي المهزوز ومستوى متدن من الشعبية وهو يرغب «بأي» إنجاز يحفظ له ورقة بيضاء في سجل التاريخ، وهناك رئيس وزراء مريض وضعيف جدا فاقد للشرعية داخل حزبه وينتظر الانقضاض عليه أقطاب أحزاب العمل والليكود بقوة وضراوة.

يجب التعامل مع مؤتمر أنابوليس ليس على أنه مؤتمر للسلام، ولكن على أساس أنه انطلاقة جولة من التفاوض وعودة المسألة الفلسطينية على الطاولة كالقضية السياسية الأولى بعد غياب طويل على حساب الوضع بالعراق والملف النووي الإيراني وأزمة الحكم بلبنان، وهذا وحده يعد إنجازا مهما يجب البناء عليه.

[email protected]