إن كان له مكان؟!

TT

كل يوم تقع في الصحف أخطاء مطبعية ونحوية ولغوية. وتتوزع التهم بين الكاتب الجاهل وعمال جمع المقالات وعمال طبعها. ولكن من الأسهل أن يقال: إنه الكاتب!

مثلا في سنة 1960 نشرت صحيفة «الأخبار» المصرية في صفحتها الأولى هذا العنوان: في السطر الأول: القبض على السفاح . وفي السطر الثاني: عبد الناصر في باكستان. ولم يكن المقصود أن السفاح عبد الناصر. الخطأ هو أنهم لم يضعوا خطاً يفصل بين السطرين!

وقيل إن هذه الغلطة كانت سبباً في تأميم الصحافة.. وقيل في الحكم بالمؤبد على مصطفى أمين صاحب مؤسسة «أخبار اليوم»..

وفي مقال لي بعنوان: حمار الشيخ عبد السلام.. وكان المقال تعليقاً على مسرحية توفيق الحكيم التي عنوانها: السلطان الحائر.. وكان الكلام له إسقاطا على تأميم الصحافة وعلى الرئيس عبد الناصر. ولكن ظهرت في المقال صورة لعبد الناصر. وقيل إن المقصود إهانة الرئيس. وهي غلطة من سكرتير التحرير. وقيل إن هذا هو السبب في فصلي من العمل رئيساً لتحرير «الجيل»، وفصلي من الجامعة مدرساً للفلسفة. وليس هذا صحيحاً. وإنما هناك أسباب أخرى!

ثم انتقلت إلى العمل في مجلة «المصور» وكتبت مقالا عن الوحدة والعزلة من وجهة نظر الفلسفة الوجودية. فنشروا صورة شكري القوتلي شريك عبد الناصر في الوحدة الخرافية بين مصر وسوريا ـ والمقال لا علاقة له بالسياسة. فأصدر عبد الناصر قراراً بتوقيفي عن العمل!

وهناك أخطاء ظريفة. فقد كان انطون باشا الجميل رئيساً لتحرير «الأهرام». فطلب منه أحد الوزراء نشر نعي لأحد أقاربه. وكانت الصحيفة قد أعدت للطبع. ولم يشأ أنطون باشا أن يؤجل نشر النعي. فكتب هذه التأشيرة: إن كان له مكان. وفي اليوم التالي صدر النعي هكذا: أسكنه الله فسيح جناته إن كان له مكان!