مشكلة.. وأمل

TT

الوضع الفلسطيني المضطرب وصل الى حالة من الجمود المقلق، ومع مرور الوقت وزيادة واتساع الفجوة بين حركة حماس في غزة من جهة، وسلطة الحكم ومنظمة التحرير الفلسطينية في الضفة الغربية من جهة أخرى, وفي ظل حالة اللاحراك الحاصلة بين الكتلتين الرئيسيتين في المجتمع الفلسطيني، قد يبدو الوقت والوضع متاحين لمخرج جديد لهذا الوضع المتأزم. ويبدو أن الحديث عن خيار «آخر ثالث» قد آن أوانه على الأقل كأثر معنوي ونفسي، ومحاولة الخروج من عنق الزجاجة بحل جاد.

وهذه الأيام يظهر على السطح اسم رجل الأعمال الفلسطيني المشهور منيب المصري كقيادي عملي غير مسيس. فالرجل البالغ من العمر 72 عاما لم يعد يخبئ طموحاته السياسية، بعد انتقاله لقصره الكبير في مدينة نابلس (وهو الذي كانت لديه القدرة المالية والخيار كي يعيش في لندن أو باريس). ويشبه منيب المصري دائما ويوصف بأنه مشروع روس بيرو (وهو رجل الأعمال الامريكي الذي رشح نفسه كطرف ثالث وخيار آخر بين الجمهوريين والديمقراطيين، وتسبب بشكل مباشر في خسارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب)، وهناك من يشبهه برفيق الحريري الفلسطيني.

ولعل فرص الحراك السياسي لمنيب المصري واردة اليوم نتاج سببين، الأول: هو عمق الغضب الفلسطيني نتاج تساقط حماس وحركتها واتهامات الفساد داخل أروقة منظمة «فتح»، وأيضا نتاج صراع الفريقين على السلطة وعلى القرار السياسي بصورة «شمشونية» حتى أسقطا المعبد على رؤوس الجميع، بطريقة علي وعلي أعدائي. ومنيب المصري لديه سبب آخر مهم يجعل فرص حراكه السياسي واردا، وهو سجله القوي كرجل أعمال عصامي وناجح، كون ثروة ضخمة عبر السنين، حتى أنه ساهم بشكل مباشر في أهم العلامات البارزة في الاقتصاد الفلسطيني نفسه، إذ أنه كان أبرز المساهمين الرئيسيين في شركة الهاتف الفلسطينية «بالتل» وكذلك البورصة الفلسطينية في نابلس.

منيب المصري يدرك أنه ليس في العمر الكثير، ولذلك فهو حريص على إحداث حراك ايجابي بقيمة مضافة في أوساط الشباب العاطلين عن العمل، وذلك بطرح برامج تدريبية وفرص وظيفية، بدلا من إخراجهم في مظاهرات للصياح والتنديد، رافعين شعارات ولائحات وملوحين بأعلام فرق وأحزاب.

قد يكون أحد مخارج وحلول الأزمة الفلسطينية الحالية، هو التفكير خارج الصندوق، والنظر لكثير من عناصر وقصص النجاح خارج المنظومة السياسية التقليدية التي أفلست وأصابها العجز. ومنيب المصري (وغيره) يشكلون بوارق أمل، في وضع بات الأمل فيه غاليا جدا ونفيسا. المشكلة الفلسطينية مشكلة عويصة، ويزيد من صعوبتها حجم المشاكل الذاتية الصنع، التي يقدمها أبناؤها أنفسهم.

[email protected]