عاشت الثورة الإيرانية

TT

يوجد تحليلان استخباريان لهما علاقة بتوازن القوى بين الولايات المتحدة وإيران ـ واحد هو أحدث تقييم أميركي للوضع في إيران، الذي قدم وجهة نظر أكثر تعقيدا لما يحدث هناك، والآخر هو تقرير الاستخبارات الإيرانية للوضع في أميركا، الذي ـ طبقا لتخميني ـ سيكون مثل ما يلي:

الى: الرئيس أحمدي نجاد

من: وزارة الاستخبارات الإيرانية

الموضوع: أميركا

كما تتذكرون، في أعقاب 11 سبتمبر، كنا قلقين للغاية من تطوير واشنطن لعملية سرية لإنهاء إدمانها على النفط، وهو ما يمكن أن يكون التهديد الأكبر للأمن القومي الإيراني. وفي الواقع بعد خطاب حال الاتحاد الذي قدمه بوش في عام 2006، وانتقد فيه إدمان أميركا على النفط، كانت لدينا «ثقة كبيرة» في ظهور سياسة أميركية شاملة للطاقة النظيفة. ولكننا كنا على خطأ.

وقد «هدأت» مخاوفنا من مشاركة واشنطن في «مشروع مانهاتن» سري لتحقيق استقلال في مجال الطاقة. وأصبح مشروع مانهاتن الأميركي محصورا بصفة كبيرة في إنتاج الإيثانول من الذرة في أيوا، الذي أكد محللونا من التنصت على اتصالات هاتفية عبر الهاتف الجوال بين أعضاء الكونغرس وجماعات الضغط، أنه ليس أكثر من مجرد رشوة قيمتها عدة ملايين من الدولارات الى كبار المزارعين في أيوا والشركات الزراعية.

والحقيقة، شكرا لنانسي بيلوسي، قرر الكونغرس الأميركي زيادة عدد الأميال بالنسبة للغالون الواحد المحدد لأساطيل السيارات بحلول عام 2020 ـ وهو الأمر الذي فاجأنا ـ ولكننا بالرغم من ذلك «نعتقد اعتقادا جازما» أن ذلك لن يؤدي الى القضاء على إدمان أميركا على النفط، ولا سيما أن المرشحين الرئيسيين للرئاسة لم يطرحوا سياسة للطاقة تشمل فرض ضرائب على النفط أو الكربون ويمكن أن تؤدي الى عملية تحول حقيقية في أميركا بعيدا عن الطاقة الأحفورية.

ولذا «فمن المرجح للغاية» أن استمرار مستويات دخل إيران الحالية من عائدات النفط سيستمر لعدة عقود ويحمي نظامنا من أية ضغوط حادة من الخارج أو من شعبنا.

وعلينا ملاحظة أن الحصول علي مصادر استخبارية مفتوحة في أميركا أصبح أكثر صعوبة، لأن مصادر الأخبار التقليدية أصبحت أكثر كوميدية والأخبار الأكثر كوميدية وتظهر المزيد من السلطة. فعلى سبيل المثال، يقدم نظرة الأعمال المسائية في شبكة «سي إن إن» رجلا يدعى «دوبز». ويظهر صحافيون حقيقيون في برنامجه ويقدم احداثا دعائية عن المهاجرين والتجارة ثم يبدأ في شجبهم، مثل الطريقة التي كان آيات الله يتصرفون بها تجاه «الأميركيين الشياطين» في برامج التلفزيون الإيرانية. ولذا فليس للمشاهدين أية فكرة عما يحدث في الاقتصاد الأميركي.

وفي الوقت نفسه في تمام الساعة الحادية عشرة يبث برنامج اسمه «العرض اليومي» في قناة «كوميدي سنترال»، حيث يقدم صحافيون مزيفون ما يبدو أنها أنباء حقيقية.

نعم لقد توصل آخر تقرير للاستخبارات الوطنية الإيرانية عام 1990 الى أنه بعد انهيار الشيوعية، تتجه أميركا لتصبح القوى العظمى الوحيدة في العالم والمثال الأعلى للشباب المسلم ـ بما فيهم شبابنا. وكنا على خطأ. لقد أصبح لدينا الآن «ثقة كبيرة» أن أميركا في طريقها لتدمير الذات لثلاثة أسباب:

أولا لقد جعل 11 سبتمبر أميركا خائفة وبالتالي غبية. وأصبحت الحرب ضد الإرهاب متأصلة في النفسية الأميركية بحيث نعتقد انه «من المرجح للغاية» استمرار أميركا لتصدير مزيد من الخوف أكثر من الأمل، وستستمر في الدفاع عن أشياء مثل التعذيب ومعتقل غوانتانامو وتفضل سياسيين مثل جولياني، الذي يتسبب في تنفير باقي العالم.

ثانيا، فيما تراجعت الجسور والطرق والمطارات ونطاقات الإنترنت عن الدول الصناعية الأخرى، بما في ذلك الصين، فإننا نعتقد أن معارضة واشنطن، لزيادة الضرائب ـ وحقيقة أن الحملة التمهيدية لانتخابات الرئاسة قد ركزت بصفة كبيرة على الزواج المثلي وحرق الأعلام وما إذا كان الإنجيل المسيحي هو الحقيقة الحرفية ـ يعني أنه «ليس من المرجح للغاية» أن أميركا ستوقف انهيارها.

ثالثا، يتباعد المرشحون لانتخابات الرئاسة عن القيم الأساسية التي جعلت أميركا مثل هذه القوة العظيمة، وبالتالي عندنا – ولا سيما التزام أميركا البعيد المدى بحرية التجارة والهجرة المفتوحة واحترام البحث العلمي بغض النظر عما سيؤدي اليه. ويشعر محللونا الاستخباريون بالدهشة من أن المرشحة الديمقراطية الأساسية السيدة كلينتون، لم تعد تؤمن بالعولمة. ولا يؤمن المرشح الجمهوري الرئيسي السيد هاكابي بنظرية النشوء والتطور.

ويبدو السياسيون الأميركيون مصممين على جذب الأشخاص الأكثر تطرفا في ما يتعلق بالهجرة في أحزابهم – أو القول للناخبين إن ما يطلق عليها الأميركيون وصفة سحرية ستؤدي الى اختفاء العجز في الطاقة والميزانية والتعليم والضمان الاجتماعي بسهولة. ولذا فإننا نتوصل «بثقة كبيرة» الى أن هناك احتمالا بسيطا هو أن أميركا في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر ستستعيد «وضعها» في أي وقت قريب.

من بحاجة الى أسلحة نووية عندما تكون لدينا مثل هذه «الأميركا»؟

الله أكبر. عاشت الثورة الإيرانية.

*خدمة «نيويورك تايمز»