الاقتصاد أهم من السياسة

TT

في كل اجتماع قمة من اجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي، تتعدد بنود جدول الأعمال والتي تمتلئ بقضايا مختلفة، وإن كانت دوما ما يطغى عليها الجانب السياسي، وخصوصا الآني منها والحدثي. ولكن في منطقة يعتمد العالم على مواردها النفطية بشكل يومي، لا يمكن أبدا إغفال أهمية الجانب الاقتصادي، فيما يطرح للتشاور في مناسبات من هذا النوع.

واليوم مع وصول معدلات النمو الاقتصادي لمجموع دول مجلس التعاون الخليجي الى أكثر من 15% سنويا متفوقة بذلك على الصين، بات العالم كله ينتظر حراكا جادا لتطوير النظم والتشريعات والسياسات التي من شأنها أن تحول «الرغبات والنوايا» الكبيرة الى واقع ملموس يستشهد بفوائده وقيمته أكبر عدد ممكن من الناس. وعليه فإن هناك إحساسا كبيرا بالإحباط وخيبة الأمل، لدى شريحة غير قليلة من المواطنين الخليجيين، بأن المطالب والأجندة الاقتصادية لم تنل حظها الوافر والمطلوب، بالرغم من أن منطق الأمور كان ينادي، ويتطلب هذا الحراك بشكل جدي ومباشر. بل إن القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي، كان يتحرك ولا يزال بمرونة وقدرة تفوق بكثير الحراك الحكومي والقطاعات التنفيذية فيه.

والآن يأتي الاعلان من قمة الدوحة بإطلاق السوق الخليجية المشتركة، ووضع سقف زمني لعام من أول يناير عام 2008 بمثابة جرعة طمأنينة وخطوة عقلانية في اتجاه صحيح طال انتظاره، ولكن المخاوف تبقى في التفاصيل، فهناك العديد من القرارات التي تم اعتمادها والإعلان عنها في مناسبات سابقة، ولكن للآن لم يكتب لها أن ترى التشريعات المطلوبة والمساندة لها، وبالتالي بقيت هذه الخطوات التاريخية مجرد حبر على الورق يسكن رهينة داخل الأدراج.

الاقتصاد ينجح ويتطور بقدر سوية المناخ والأرضية، التي يعمل عليها، وكلما تم تمكينه بقرارات وسياسات فاعلة، تحققت الطموحات المأمولة. والثقة هي نتاج كل هذا التراكم، ومن دون تكوين تلك الثقة، لن يكون مستغربا استمرار التذمر والشكوى، وبالتالي هروب رؤوس الأموال الى أسواق مرحبة وعادلة.

الاقتصاد يظل أهم محرك للسياسات، فهو الداعم الأساسي لكل طموحات وخطط التنمية، والتجارب نصب أعيننا جميعا، التي كانت شاهدة على طروحات خطابية وثورية أهملت الاقتصاد، واعتدت على أرزاق البشر، وولدت أطلالا وركاما لا يمكن أن تبنى فوقها أوطان ولا مستقبل لأجيال الشعوب. الاعلان الذي أطلقته قمة مجلس التعاون الأخيرة عن سوق خليجي موحد مشترك، هو أمل طال انتظاره، والتحدي الجديد هو القوانين والأنظمة الممكنة لهذا الحلم، لأنه بدونها سيكون هذا الخبر الجميل، ما هو إلا ذلك.. مجرد خبر جميل.

[email protected]