تحرك سياسي عربي مطلوب

TT

بينما ساد نوع من الهدوء النسبي نقاط المواجهات الفلسطينية ـ الاسرائيلية، شهدت الساحة الدولية تحركا سياسيا عربيا مهما، وهو تحرك مطلوب، إذ من الضروري ألا يترك العرب الساحة الدولية خالية امام اسرائيل، خصوصا في الوقت الذي يحاول رئيس ارييل شارون ان يلبس ثوب «السياسي المعتدل»، من منطلق انه لم يستخدم كل قوته العسكرية ضد الفلسطينيين العُزَّل، ردا على التفجير الانتحاري الاخير في تل ابيب. ولا شك ان من بين الاهداف الآنية للدبلوماسية العربية الحرص على كشف حيلة شارون الرامية الى تعبئة الرأي العام العالمي، ومحاولة تهيئته لتقبل ضربة عسكرية ضد الفلسطينيين.

وفي هذا السياق، يمكن القول ان الهجوم الدبلوماسي العربي الجاري حاليا يستند الى ارضية مشتركة، يسندها ويدعمها موقف عربي عادل ومتزن يلتزم بالسلام العادل والشامل ويطالب الطرف الاسرائيلي بالالتزام بشروط هذا السلام وصولا الى تحقيقه.

الرئيس السوري بشار الاسد طرح هذا الموقف بوضوح خلال زيارته الناجحة لباريس. وفي الوقت نفسه كان العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني يقوم بالمهمة ذاتها في لندن. ويصل ولي العهد السعودي، الامير عبد الله بن عبد العزيز، الى باريس اليوم ليضيف الثقل السعودي الى هذا التحرك السياسي العربي فيعطيه زخما اضافيا مهما وضروريا، خلال محادثاته مع الرئيس جاك شيراك ورئيس الوزراء ليونيل جوسبان. واذا كان التحرك السياسي العربي يضع في برنامجه المطالبة بسرعة تطبيق توصيات تقرير لجنة ميتشل، فانه من المهم ملاحظة الهوة التي برزت بين الموقفين الاميركي والاسرائيلي خلال زيارة شارون لواشنطن ازاء مسألة المستوطنات وما ورد في تقرير ميتشل بشأنها. ولا شك ان الجانب العربي يستطيع الاستفادة من الخلاف بين شارون وادارة بوش وتوظيفه لصالح الموقف العربي.

ان التحول الذي بدأ يظهر في موقف ادارة الرئيس تجاه سياسات شارون هو تحول مهم، ولو بدا جزئيا، ويستطيع الجانب العربي تعزيز هذا التحول وتطويره بحشد الموقف الاوروبي الى جانب الموقف العربي العادل، وبالحرص على ان يسمع كولن باول، وزير الخارجية الاميركي، خلال جولته الحالية في المنطقة ـ وهي الجولة التي تتم استجابة لضغوط سعودية ـ ما يؤكد تمسك العرب بالسلام العادل والشامل الذي يصر شارون، بعناده وعدوانيته، على وضع كل العراقيل امام الوصول اليه.