حاولوا.. ولكنه لم يغضب!

TT

هذا الحوار التاريخي عذبني لكي أحفظه وأنا طفل صغير:

ـ أتذكر إذ لحافك جلد شاه

وإذ نعلاك من جلد البعير

ـ أذكر ذلك ولا أنساه

ـ فسبحان الذي أعطاك ملكاً

وعلمك الجلوس على السرير

ـ سبحانه وتعالى يعز من يشاء ويذل من يشاء

ـ سأرحل عن بلاد أنت فيها

ولو جار الزمان على الفقير

ـ إن جاورتنا فمرحباً بالإقامة.. وإن جاوزتنا فمصحوباً بالسلامة

ـ فجد لي يا ابن ناقصة بمال

فإني قد عزمت على المسير

ـ أعطوه ألف دينار تخفف عنه مشاق الأسفار

ـ فثن فقد أتاك الملك عفواً..

بلا عقل ولا رأي منير

ـ أعطوه ألفاً ثانياً لكي يكون عنا راضياً... الخ

هذا الحوار من مسرحية ـ لا نعرف معنى كلمة مسرحية في ذلك الوقت ـ بين معن بن زائدة وأحد الأعراب جاء يغضبه ويخرجه عن هدوئه لقاء مبلغ من المال ففشل.

وكنا نردد ليلا ونهارا هذه الحوارات الجميلة ولا نعرف معنى هذه الأبيات ولا معنى الحوار ولا الهدف، وإنما ببغاوات في قفص. وجاء آباؤنا يرون ويحلمون..

ولم يكن عندنا في المدرسة مسرح ولا نعرف معنى هذه الكلمة لو سمعناها. فنحن في الريف. ولكن كما كانوا يقولون كنا نقول..

وجلس أبي في الصف الأمامي وكنت أقرب الممثلين إليه.. ولم أجرؤ أن أفتح عيني ولا أذني. وأكاد أقول إنني لم أر أي أحد.

وكان علينا أن ننظر إلى مدرس واقف في الصف الأخير من القاعة.. فعلى إشاراته نقول ونتحرك. أما أنا فقد كنت حارساً. لا أتحرك من مكاني. ساعة.. ساعتين.. ثلاثاً..

ومع إشارة من المدرس ومن مدرس آخر فتحت عيني وأنا أنظ