الخطوط السعودية.. رؤية إنسانية

TT

لعبت الخطوط السعودية منذ بداياتها دورا تنويريا بارزا، فهي لم تكن مجرد شركة طيران فحسب، بل مركزا متقدما من مراكز التنمية البشرية في المجتمع عبر ما قامت به من برامج تدريبية أكسبت الكثير من منسوبيها خبرات مهنية، وخصائص قيادية لم تتحقق في الكثير من المؤسسات.. وقد رافق ذلك مجموعة من المميزات حظي بها موظفو المؤسسة وأسرهم، وفي مقدمتها الخدمات العلاجية. واليوم تمر الخطوط السعودية بمرحلة انتقالية هامة هي مرحلة التخصيص، التي سينتج عنها إيثار شريحة من الموظفين لخيار التقاعد المبكر، رغم ما يسببه هذه الخيار ـ أي التقاعد ـ من حرمان لوالدي الموظف المتقاعد من الخدمات العلاجية التي اعتادا عليها، وقد عبرت ذات مقال عن الحاجة إلى إعادة تقويم ذلك الإجراء الذي يقضي بحرمان والدي الموظف المتقاعد من حق العلاج على نفقة المؤسسة، وأضيف إلى ذلك اليوم إشكالية أخرى، هي إشكالية فقدان أسرة الموظف المتوفى للمزايا التي كانت تتمتع بها أثناء وجود عائلها، خاصة ما يتصل منها بالرعاية الطبية، إذ من الصعب على الأسر التي تعودت لسنوات طويلة على نيل هذه الرعاية أن تتكيف مع واقعها الجديد بعد رحيل عائلها بكل ما في ذلك الواقع من صعوبات.

ولكي تكتمل صورة هذه المؤسسة الرائدة، وتتواصل مسيرة تميزها، فإن واجب الوفاء يقتضي منها استمرار تقديم رعايتها الطبية لوالدي الموظف وأسرته بعد تقاعده أو وفاته، إذ من المهم جدا أن تحافظ هذه المؤسسة على منطلقاتها الإنسانية التي اتسمت بها منذ تأسيسها.. وكما أسلفت فإن الخطوط السعودية استطاعت عبر تاريخها أن ترسخ لها في الأذهان صورة أكثر شمولية من كونها مجرد شركة طيران إلى حالة خاصة من الانتماء الوظيفي لم تتحقق لغيرها من المؤسسات، وليس ثمة وسيلة للمحافظة على هذه الصورة المبهرة وتعميق هذا الانتماء إلا بالمزيد من مراعاة الأبعاد النفسية للموظف، خاصة ما يتصل منها بمستقبل أسرته، وأخال أن أمام المهندس خالد الملحم، مدير عام الخطوط السعودية مجالين رئيسيين للتميز هما: إكمال مشروع الخصخصة، وترسيخ قيم الوفاء الإنساني لمنسوبي هذه المؤسسة وأسرهم في حياتهم وبعد رحيلهم، وأكاد أجزم أن البعد الإنساني لا يقل أهمية عن البعد الاقتصادي في قائمة اهتماماته.

[email protected]