تغير المناخ.. أميركا تهتم بنفسها فقط

TT

مثلما يعرف قراء هذا العمود أن لي قاعدة بسيطة تختبر ما إذا كان أي اتفاق سلام عربي ـ إسرائيلي حقيقيا ام لا: إذا كنت بحاجة إلى خبير في شؤون الشرق الأوسط لكي يشرحها لك فهو غير حقيقي. وأنا استخدم المبدأ نفسه في ما يخص الاتفاقات المتعلقة بالمناخ العالمي: إذا كنت بحاجة إلى خبير في شؤون البيئة لشرحها لك فهي غير حقيقية.

احتجت إلى 10 خبراء كي يشرحوا لي اتفاقية بالي الخاصة بالمناخ، وأنا كنت هناك. وما زلت غير واثق ما الجديد فيها. انا لست ضد فرض نظام يوافق عليه 190 بلدا لتقليل انبعاث الكربون لكن حدسي يقول لي إن القطبين الشمالي والجنوبي سيذوبان قبل بدء النظام المتفق عليه في التأثير.

من المؤسف أن فريق بوش لم يكن قادرا على الزعامة في ما يتعلق بهذه القضية لسببين: الاول، فقدانه للمصداقية حتى مع كل البرامج التي تبنتها إدارته لطاقة نظيفة مثل توليد الوقود الحيوي وبرامج أخرى بادرت فيها خلال العامين الأخيرين.

هناك مواجهة تكشفت بين فريق الولايات المتحدة المفاوض والمعنيين بالبيئة تستحق الكلام عنها. حينما قدم الفريق الأميركي تصوره داخل قاعة مملوءة بالناشطين من كل أنحاء العالم، وهم جاءوا لانتقاد الأميركيين على غبائهم بسبب تمثيلهم من قبل إدارة بوش.

ثم لمدة 90 دقيقة، ظل أندي كارسنر المسؤول عن برامج الطاقة المتجددة في وزارة الطاقة، وجيمس كونوغتون الذي يترأس السياسة المناخية في البيت الأبيض وزملاؤهم يتحدثون عن معرفة عميقة بمشاكل المناخ والتكنولوجيات المطلوبة لحلها. وكانت براعتهم الحرفية مثار اعجاب مما تسبب في إثارة الاضطراب لدى الناشطين في مجال حماية البيئة. كان المسؤولون الأميركيون يعرفون ما يتكلمون حوله، لكن من جانب آخر، لن أراهن على أي شخص منهم في كون ما قالوه يعكس حقا سياسة بوش.

وهذا ما جعل ماليني ميهرا الرئيس التنفيذي لمركز الاسواق الاجتماعية، وهي مجموعة هندية ناشطة في مجال حماية البيئة، أن يسأل مساعدي بوش: من أنتم ومن أي كوكب جئتم؟ ولعله من غير الممكن أن يكونوا قد جاءوا من كوكب بوش.

قالت لي ميهرا في وقت لاحق ان كل من استمع إلى الأخبار التي تناولت التغيرات المناخية يدرك ان ثمة رسالة من الإدارة تتلخص في ان أية خطوة جادة في هذا الاتجاه تهدد الاقتصاد الاميركي ونمط حياتنا. وأضافت ايضا ان ما يقوله الاميركيون التكنوقراط الآن حول هذه القضية من تحليل عميق وايجابي يتعارض مع ما نعرفه عن هذه الإدارة.

جزء كبير من ذلك هو الثمن التي تدفعه اميركا مقابل موقف الرئيس بوش من معاهدة كيوتو عام 2001 بدون ان يطرح بديل على مدى ست سنوات. اما الرسالة الموجهة إلى العالم، فيمكن تخليصها ان الولايات المتحدة لا تأبه بالآخرين وتهتم فقط بنفسها. والآن، في الوقت الذي اتخذ فيه كل من بوش والكونغرس خطوة في هذا الاتجاه يعتقد الآخرون ان هذه الخطوات ليست حقيقية. فقد قال لي ارواندي يوسف، حاكم محافظة آتشيه الاندونيسية، انهم لا يصدقون هذه الإدارة الاميركية.

السبب الآخر وراء عدم مقدرتنا في ان نصبح نموذجا وقدوة يكمن في ان الإدارة الاميركية مهما فعلت لمعالجة التحدي المتمثل في الاحتباس الحراري، فإن الحل في نهاية الأمر يعتمد بصورة أساسية على الابتكار في مجال الطاقة النظيفة. كما انه في ظل غياب خطوات مثل فرض إجراءات ضريبية منظِمة لن يكون هناك حل ايجابي وعملي لهذه المشكلة. فريق بوش يرغب في التكنولوجيا الجديدة، لكنه لا يرغب في فرض الرسوم اللازمة على المنتجين والمستخدمين. جدير بالذكر ان وزراء المالية او الطاقة المسؤولين عن مثل هذه الرسوم لم يحضروا مؤتمر بالي، الذي طغت على حضوره الجهات العاملة في تنظيم البيئة.

ويرى غلين بريكيت، نائب رئيس واحدة من المنظمات الدولية لحماية البيئة، ان هذه مشكلة تحول اقتصادي وليس تنظيم بيئي، ويعتقد ايضا ان التحول اللازم سيتطلب ما هو أكثر من مجرد قانون واحد او توقيع على معاهدة، مؤكدا انه سيتطلب نفس مستوى التركيز والمبادرة التي خصصتها إدارة بوش للحرب على الإرهاب. ويرى بريكيت ايضا انه لا يوجد سياسي اميركي يتعامل مع هذه القضية بالجدية اللازمة.

* خدمة «نيويورك تايمز»