في الأسبوع الأخير لعام 2007: الحصاد العربي المر

TT

أيام قليلة تفصلنا عن رحيل عام 2007، لتدخل سنة جديدة لا ندري ماذا تخبئ لنا من المفاجآت، خصوصا أن العالم العربي ما زال يعيش على هامش الأحداث الكبرى وعلى هامش التنمية والتقدم والإصلاح السياسي وغيره.. عالم يضم قرابة 350 مليون نسمة، ولكنه يعيش كأي عامل يومي، لا يعرف كيف يخطط لمستقبله ولتطوره ولا كيف يعالج مشاكله ويحولها الى فرص متاحة للخلق والابتكار.

في مثل هذه الأيام، يراجع الناس عادة ماذا أنجزوا طيلة عام كامل وفيما أخفقوا وكم خسروا وكم ربحوا، وما هو برنامج عملهم ومشاريعهم المقبلة في العام القادم.

وكما الأفراد تفعل الدول والشعوب، التي تروم الصعاب وتهوى صعود الجبال وإرادة الحياة. وفي هذا السياق، نتساءل عن حصاد العالم العربي في هذه السنة، وما إذا كان هزيلا أم مكتنزا؟

إن الأيام الأخيرة من كل سنة إدارية لا يستمتع بها سوى المجتهدين والناجحين والعاملين وبالتالي، الذين زرعوا وحرثوا وعندما حان ميقات القطاف، وجدوا الثمر يتدلى شهيا وباعثا للبهجة في النفوس. ولكن نصيب الشعوب من حصاد الثمرات لا يعدو أن يكون الا قليلا وشحيحا جدا. ويكفي أن نشغل ذاكرة عام 2007، لنشاهد ما لا نحب ونتذكر ما نكره.

بل أننا لا نحتاج الى ذاكرة وأغلب المشاهد، ما زالت تعتمل وتتكرر في الحاضر، كأرض زمنية للواقع.

جرح العراق ما زال ينزف وأخبار القتلى في بغداد وبعقوبة وغيرهما، تتصدر الصفحات الأولى للجرائد وعناوين نشرات الأخبار. ويصعب أن يمر يوم من دون تفجير انتحاري وخير ما انتهت به 2007، خبر تسليم القوات البريطانية الملف الأمني لمحافظة البصرة للحكومة العراقية. وما عدا ذلك، فإن تنظيم القاعدة ما زال، يربك الوضع في العراق والريبة الشيعية السنية في صعود ونزول ومئات من أطفال العراق حسب منظمة اليونيسيف يتعرضون للقتل والخطف.

أما قصة لبنان مع القاتل المجهول، فلم تنته بعد، حيث تم اغتيال النائب بيار جميل واللواء فرنسوا الحاج، وعاش لبنان الأسابيع الأخيرة على وقع فراغ رئاسي على إثر انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود. وقد اشتدت خلال هذه السنة التعقيدات السياسية وازدادت علاقة المعارضة بالموالاة تدهورا، مما عطل مشروع الوفاق الوطني، ونمت أكثر فأكثر ظاهرة التدخل الأجنبي والحسابات الاقليمية على حساب البلد الصغير والمنهك لبنان.

أما القضية الفلسطينية جوهر الصراع العربي الاسرائيلي والفتيل الأساسي لأزمة العالم العربي، فإنها أغلب الظن لم تكن في المقام الاول خلال عام 2007. فالقضية تحولت الى صراع حزبي بين فتح وحماس، بلغ مستويات مهينة وعشنا فصولا من فتنة واقتتال ومواجهات بينهما، تم فيها توظيف خيار الحسم العسكري واشتغلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية لصالح حرب اهلية مقنعة بين طرف يؤمن بالتسوية وآخر يراهن على المقاومة.. بمعنى آخر أثبتت إسرائيل للقوى الداعمة لها، هشاشة المشهد السياسي الفلسطيني وماهية الميكانزمات التي تحركه.

هذه نماذج مركزية من دول عربية استأثرت بالأحداث عام 2007، من دون أن ننسى أن يد الإرهاب في العالم لا تزال طويلة، وأنه رغم الحرب المعلنة ضده، فإنه منذ تاريخ أحداث 11 سبتمبر 2001 والى اليوم لم ينجح العالم في قضم اظافره ولا قطع يده.

وعلاوة على العراق، فإن المغرب العربي نال نصيبه من الأحداث الارهابية، وظهر ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. ويمكن القول إن ليبيا استثمرت عام 2007 في تجسيد تغير نوعي في سياستها الخارجية إزاء دول غربية، فقامت بتسوية قضية الممرضات البلغاريات، وزار الرئيس الليبي باريس، وأمضى عقودا بالمليارات، بل انه حتى وزيرة خارجية الولايات المتحدة أعلنت عن استعدادها لزيارة ليبيا قريبا.

أما في مسيرة الاصلاح السياسي وتحديدا الخيار الديمقراطي، فإن الواقع السياسي العربي في عام 2007، لم يكن لصالح قوى المعارضة، التي خفت صوتها ونجحت بعض النخب السياسية الحاكمة في تطويع أدوات الديمقراطية بشكل يطيح من يقف ضدها.

فأين نحن من حصاد مثمر يثلج الصدر؟ ربما يكون الجواب مفرحا في عام 2008.

[email protected]