7 مليارات للفلسطينيين عيدية أم رشوة؟

TT

هذه الايام المساعدات المالية العالمية شحيحة على كل الأصعدة. والفلسطينيون ربما اكثر من غيرهم يعرفون أن الأموال لا تنبت على الاشجار، لكن الخبر السعيد ان هناك إجماعا عالميا على دعم الفلسطينيين بشكل استثنائي، ودعمهم في هذه الايام أيضا استثناء أيضا في التوقيت.

وقد توافقت المنح مع الاعياد، فكانت كريمة الى مستوى الحد الادنى المطلوب حيث تعهدت دول العالم بأكثر من سبعة مليارات دولار، في أكبر التزام جماعي يعطى لبلد واحد. وأهميته ليست فقط في رقمه بل ايضا لأنه جاء من كل الاطياف السياسية في العالم، من الروس والاميركيين، ومن العرب والاوروبيين، ومن المؤسسات الدولية. كله يؤكد انها ليست رشوة، بل تعاطف ومساعدة وتحفيز سياسي للخروج من الوضع المأساوي القائم اليوم واليوم المستقبلي المأمول. الجميع اتفقوا على الرغم من اختلاف وجهات نظرهم ربما حول كيفية الحل النهائي على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني، واكثر الاصوات التي شاركت عبرت عن رغبتها في ان تنفق الاموال على المشاريع المثمرة لا مجرد سد فارق الميزانية للسلطة الفلسطينية. اما الرشوة السياسية فلم يحن موعدها بعد، فهي آتية مع مشروع السلام، وينتظر ان تشمل بكرمها دولا وجماعات وأطرافا في المأساة الفلسطينية منذ ستين عاما.

والاسرائيليون يستعدون بدورهم أيضا للمكافآت المالية لاحقا من الحل السياسي، استغلالا للمناسبة. وربما هذا يفسر التعجل في بناء مستوطنات كبيرة جديدة ليس هدفه تعطيل السلام بل في الحقيقة تحقيق مكاسب مالية. فهذه المستوطنات الجديدة على الارجح سيتم ضمها الى مجموعة المستوطنات التي ستزال عند اتفاق السلام، وسيضطر متعهدو الحل الى تعويض المالكين كما حدث في مناسبات ماضية في سيناء وغيرها، وفي أسوأ الحالات ستعطي السكان الاسرائيليين حق الاحتفاظ بها ان سمح الاتفاق للمستوطنات بالبقاء، أي ستكون منح أراض مجانية.

وكما يعرف الجميع فإن السلام يستحق كل دولار ينفق عليه، لأن الازمات والمواجهات والدماء والوقت والمخاطر والمستقبل الاكثر ظلامية كلفت المنطقة، فلسطينيين واسرائيليين وعربا، الكثير على كل الأصعدة. فان كان المال يليّن الخلافات ويضعف المعارضة ويرد الحقوق ويزيل الظلم فمن الواجب ان ندفعه جميعا. ان الذين يعيشون في حروب واضطهاد يعرفون اكثر من غيرهم ان السلام اعظم من كل مال الأرض، ولا أعتقد ان هناك شعبا في العالم كالشعب الفلسطيني يعي هذه الحقيقة.

إن تطوير المرافق الفلسطينية ومؤسسات السلطة في الضفة وغزة ودفع الاوضاع نحو الاستقرار، سيعطي أملا بأن المفاوضات جادة والسلام ممكن وان هناك ضوءا في آخر النفق. هذه المساعدات هدية الأعياد أما رشوة السلام فلم يحن موعد الحديث عنها، والرشوة ليست بالضرورة أموالا بل أحيانا اغلى من ذلك.

[email protected]